ورطة أيلا

* هذا هو أيلا الذي هللوا وكبروا له، وشهدوا له بالشطارة والوحدانية في الإنجاز ورصف الطرق وشوارع الإنترلوك، وبعد ذلك هتفوا له في حفلات المهرجانات التي تخصص فيها لسنوات بالبحر الأحمر، وتنبأوا له بإعادة شعار (السودان سلة غذاء العالم).

* قيام المهرجانات الباهتة، خصمت من ميزانية الولاية ما أعجزها عن تحمل مرتبات العاملين لشهر يناير الماضي، ما اضطرهم لرفع أعلى درجات الاستنكار والاستهجان وهم لا يجدون ما يسدون به احتياجاتهم.

* المصيبة ليست هنا فقط، بل المصيبة في نقابة عمال ولاية الجزيرة والتي بدلاً عن اتخاذ موقف جاد وقوي لصالح منسوبيها ضد حكومة الولاية ظلت تجد الأعذار للحكومة وكأنما تود أن تقول للعاملين فلتشكرونا على نعمة خراف الأضاحي التي أنعمنا بها عليكم، وتنفيذنا لـ”سكر” العاملين، وتمليككم المشاريع الإنتاجية المتمثلة في التاكسي الولائي و”التكتك” وقوت العاملين ومواد البناء والمواد التموينية، التي يعتبرونها إنجازاً.

* الشريف حمد الزين يوسف طه رئيس اتحاد نقابات عمال ولاية الجزيرة، صرح بأن هناك اجتماعاً للجنة المركزية للاتحاد العام بالخرطوم ستجتمع اليوم الأحد لبحث المشكلة، وأنهم سيدفعون بمذكرة تحوي آخر ما وصل إليه من تفاوض بشأن مرتبات العاملين بولاية الجزيرة.
* أجد نفسي في أقصى درجات الاستغراب وأنا أقرأ حديث الرجل (المتمهل جداً) وكأنما المرتبات التي يتحدث عنها هي مرتبات شهر مارس القادم، ناسياً أن هؤلاء العاملين ليسو من الأكابر، يصرفون رواتبهم طابق او طابقين، ولا مصدر دخل سوى هذه الرواتب الهزيلة التي لا تتجاوز ديون (سيد الدكان ولا سيد اللبن).

* رئيس اتحاد عمال ولاية الجزيرة، يبدو أنه مثله مثل أهله في المؤتمر الوطني، يرى أن هؤلاء العاملين يفترض أن يستعينوا بـ(حاوي) بدلاً عن مرتباتهم حتى يتمكنوا من تصريف شؤونهم من إيجارات ومصروفات معيشة ومدارس وجامعات ومواصلات وأدوية، وغيرها من الاحتياجات التي ظلت الحكومة تضاعفها بلا رحمة مع كل صباح.

* مواطنو الجزيرة لم يكونوا في حاجة لمهرجانات السياحة التي ابتلعت ميزانية الولاية دون أي عائد مادي، ولم يستفد منها سوى إيلا وبعض العاملين معه، فلا أحد وجد التلميع الذي وجده الوالي أيلا، بلافتات تمجده في الشوارع وعلى امتداد مناطق الولاية، فربع ميزانية المهرجان كانت كافية بالإيفاء بالتزامات الولاية برواتب العاملين.

* فلا أحد من هؤلاء العمال معنى بسياسات وزارة المالية الاتحادية أو الولائية، ولا يهمهم إن وزع أيلا ابتساماته في شوارع المدينة من خلال لافتات فطيرة ومهرجانات وهمية تستفيد منها فئة معينة.

* مثل هذه المواقف القاتلة، تمثل دعوة مفتوحة لبعض العمال وهم ليسو بالملائكة، لسلك مسالك أخرى لسد حاجتهم، وكان المتوقع من السيد الوالي أن يتحوط لمثل هذه الظروف ليمنح الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، لأن هذا هو الحق القانوني والإنساني، والديني.

* فليس مقبولاً أن يجتهد أيلا في خم مواطن الولاية بمغنيين ومغنيات لا طعم ولا لون لهم في مهرجان فاشل، لو ركز كل جهوده في إعادة تأهيل مشروع الجزيرة فقط، لكفى ولايته بمواطنيها وكفى كل لايات السودان، ولخلد التاريخ اسمه بأحرف من ذهب، ولكنه طبق سياسة نظامه، بإلهاء الناس عن الكوارث التي تحاصرهم من كافة الاتجاهات.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة

Exit mobile version