داء النكاح

* تعودت حكومة الإنقاذ الوطني، وعبر أذرعها المتشعبة إشعال الأزمات كلما أرادت تمرير أجندة خبيثة، وهاهي تشغل الرأي العام بحملاتها الإعلامية غير المبررة، بغرض إبتزاز العاطفة الدينية للمواطن السوداني.
* والشاهد في الأمر، أنه وفي ذات توقيت استعداد البرلمان لتمرير مشروع التعديلات الدستورية، بدأت الحملة المنظمة ضد الزميلة شمائل النور بعد عشرة أيام بالتمام والكمال على نشرها للعمود (الضحية).

* هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هيئة علماء السودان المعنية بإثارة مثل هذه القضايا، لم يخرج منها تصريحاً واحداً في هذا الخصوص، بل تجاوزته بعد يومين لتتعهد بمقاومة مشروع التعديلات المتعلقة باسقاط الولاية في عقد الزواج، والمساواة المطلقة بين الذكر والأنثى باعتبار انه يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وزادت الهيئة أنها ستظل تعارضه الى يوم القيامة بحسب تصريحها.
* رأيي شخصياً واضح جداً في هيئة علماء السودان، وسبق أن انتقدت آداءها النخبوي تجاه قضايا معينة وتجاوزها لقضايا حساسة لا تحتمل الصمت، واليوم تواصل الهيئة ممارسة ذات النهج بصرفها أنظار المواطن بقضية غير موجودة إلا في عقول بعض أعضائها.

* فاعراف الزواج في السودان لم تكن في يوم من الأيام من القضايا المختلف حولها، بل ظلت من الثوابت، ولم نسمع بفتاة تقدمت لخطبة شاب والزواج منه إلا نادراً جداً، وهذا لا يتعارض مع الشريعة، ورغم ذلك فليست هناك سوابق معلنة خاصة في السودان، ولم نسمع بفتاة خرجت من بيت أهلها لتعود وفي يدها رجل لتقول لأهلها أعرفكم بزوجي، ورغم ذلك يجعل منها علماء السودان معركة في غير معترك.
* وكون أن تأت الفتاة بشاب على أساس أنه زوجها دون موافقة أهلها، لا يعني ذلك أن تقوم قيامة علماء الإسلام السودانيين، ويعقدون لذلك المؤتمرات الصحفية، والتصريحات النارية، فالقضايا التي تنتظرهم أكبر وأخطر من قصة نكاح وطلاق وطرحة وفستان وبنطلون.
* وكانت ستجد منا كل الاحترام والتقدير الهيئة ومن شايعها إذا كانت انتفاضتها القوية تتعلق بتعديلات قانون الأمن لأنه الأكثر حاجة للتعديل باعتبار أنه الأكثر حساسية من كل القضايا التي يتناطح حولها المتناطحون.

* قوانين عديدة مرت وتعديلات خطيرة اُجيزت بدون (قومة نفس)، بينما ينفعل من نعتقدهم علماء حقييقين للإسلام بمواضيع لم تخطر على بال المواطن، وطالما الأمر متعلق (بداء النكاح) الذي يصيب العديد من أصحاب الإسلام السياسي، كان الأولى لهم أن يجتهدوا في تجريم (الزواج العرفي) وزواج المسيار، وكلها تتم عادة دون علم وموافقة ولي الأمر أو الأهل، وكان الأحرى بهم الحديث حول العلاقات خارج إطار الزوجية وأطفال الزنا، وزنا المحارم، وكلها من المحرمات ديناً وعرفاً.

* نصيحتي لهذه الهيئة وغيرها من الجهات المرتبطة بالنظام والحكومة، أللا تستغبى المواطن، لأنه أذكى من أن ينقاد وراء مثل هذه القضايا الانصرافية، فتركيزه حالياً منصب حول أساسيات الحياة، كيف يأكل، وكيف يسكن، وكيف يتعلم، وقبل ذلك عليكم بإصدار فتوى تبيح له الإعتراض على الظلم، لأن الإسلام حرَم الظلم وتوعد الظالمين والساكت عن الحق شيطان أخرس، والظلم ظلمات، هذا بالطبع أن كانت فعلاً هيئة لعلماء المسلمين.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة

Exit mobile version