أحببت زميلتي بغرض الزواج لكنها تركتني! أدركت أنه انتقام من الله.. بماذا تنصحونني؟

السؤال
أحببت زميلتي في العمل بغرض الزواج، لكن حدثت أمور جعلتها تتركني؛ مما تسبب لي بأزمة نفسية حادة لازمتني لعدة شهور، ولا زلت أعاني من تبعاتها إلى اليوم، خصوصًا حين أصادفها في العمل. لا أخفيكم سرًا أنني في الماضي كنت أقيم الكثير من العلاقات مع الفتيات، وكنت أقوم بتركهن بعد مدة دون ذكر الأسباب ودون الاهتمام بما قد يعانينه من ألم جراء ذلك، فلما افترقت عني زميلتي؛ أدركت أنه انتقام من الله على ما كنت أقوم به، وأن الله يمهل ولا يهمل، رغم أنني لم أقع في الحرام طوال حياتي.. بماذا تنصحونني؟

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

فإن في شعورك بالألم من تركها لك فرصة لتصحيح المسار، وننصحك بالاستفادة من صحوة الضمير، وتب إلى التواب الرحيم الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ونسأله سبحانه أن يتوب عليك، وأن يرفعك عنده درجات.

لا يخفى عليك أن تكوين علاقات مع الفتيات في الخفاء أمر مرفوض شرعًا، والمسلم إذا رغب في الارتباط؛ فإنه يطرق باب أهلها من الباب، ويشرك أهله كذلك.

ومن حقه أن يسأل عن الفتاة وأهلها، كما أن عليهم أن يسألوا عنه، بل ويتوسعوا في السؤال؛ لأن الزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، لكنه علاقة بين بيتين وأسرتين، وربما قبيلتين، وسوف يكون هاهنا أعمام وعمات، وفي الجانب الآخر أخوال وخالات، كما أن مشوار الحياة طويل، والحياة خليط من الأفراح والأتراح، ولا صمود إلا للعلاقة التي تقوم على قواعد وثوابت الدين.

والعقلاء يستفيدون من تجاربهم، والمؤمن لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين؛ فانتبه لنفسك، وراقب الله في تصرفاتك، واعلم أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين، فلا تفعل بعد اليوم مع بنات الناس ما لا ترضاه لنفسك، وما لا تقبله لأخواتك ولا لعماتك ولا لخالاتك، وتذكر أن كل امرأة في الشارع هي بنت أو أخت أو عمة أو خالة لأحد من الناس، والضعف من شأن النساء، وعلى الرجال أن يكونوا على الأعراض أمناء.

وقد صدقت في قولك “ربنا يمهل لكنه لا يهمل” وهو سبحانه يستر على العصاة ويستر، فإذا لبسوا للمعصية لبوسها وبارزوا الله بالعصيان؛ فضحهم وهتكم وخذلهم، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

نحن سعداء بتواصلك، وسعداء بشعورك بالخطأ والتقصير؛ لأن هذه هي البداية الصحيحة لتدارك الخلل والتوبة لله عز وجل، ونتمنى أن لا تطول بك الأحزان، وتعوذ بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، واعلم أن في رجوعك لله خيرًا لك وأمانًا للناس منك، وإذا صدقت في توبتك؛ فأبشر بالمغفرة والخيرات، ولا تحزن على فوات فتاة أو انقطاع علاقة لم تكن موافقة لآداب الشرع وأحكامه.

احمد الله الذي أيقظك، ونتمنى لها ولمثيلاتها الهداية والخيرات، وإذا حاولت الفتاة الرجوع؛ فلا ترجع إليها إلا إذا تابت، ولا تقبل بالتواصل معها إلا عبر محارمها وأهلها؛ حتى تصبح العلاقة شرعية وصحيحة.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق، والهداية والثبات، ونسأله سبحانه أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يضع في طريقك ذات دين وجمال ومال وكمال، تسعدك وتسعدها، وتكون عونًا لك على الخيرات، ونكرر الترحيب بك، ونسأل الله أن يوفقك.

د. أحمد الفرجابي
شبكة المشكاة

Exit mobile version