كاتب مصري يدافع عن السودانيين ويهاجم المصريين: (أنا القرد صاحب أهرام مروي) !

الصورة دي للأهرمات المعروفة باسم (أهرام البجراوية)، نسبة لقرية “البجراوية” قرب مدينة شندي السودانية، واللي تبعد حوالي 200 كيلومتر شمال شرق العاصمة السودانية الخرطوم. واسمها العلمي (أهرامات مَرَوّي).

(قامت مروي علي كنف مملكة غنية ومزدهرة من صناعة الحديد والتجارة العالمية مع الهند والصين، وقد استقطبت عمال التعدين من كل أنحاء العالم، وهذا مادفع المؤرخون لإطلاق اسم بيرمنغهام أفريقيا على مروي، للإنتاج الهائل ولحجم التجارة الكبير في خام الحديد والحديد المصنع مع أفريقيا وكل مراكز التجارة العالمية في ذلك الوقت، وكان الحديد ينتج بواسطة أفران الصهر والمحارق وكان المرويون أفضل صناع الحديد في العالم. ويعتقد بعض العلماء مثل “جورج أندرو ريزنر” أن أصل الحضارة في وادي النيل يعود لحضارة كرمة التي تعتبر حضارة مروي أمتداد لها.

كما صدرت مروي المنسوجات والمجوهرات، وكانت المنسوجات الكوشية من القطن، وبلغت أعلى أزدهار لها عام 400 قبل الميلاد، وفضلًا عن ذلك كانت المملكة الكوشية غنية بالذهب، وكذلك أشتهرت مروي بتجارة الحيوانات النادرة إلى ما هو أبعد من مصر وشمال أفريقيا، وكان هذا وجه أخر من أوجه الاقتصاد المروي المتنوع.

وفي الوقت الذي دخلت في مصر فكرة الساقية كأداة لزيادة الإنتاج الزراعي وإستدامة الري، كان الكوشيون يسيطرون على مياه النيل بواسطة خطوط ري مستقيمة من الشمال إلى الجنوب بلغ امتدادها إلى أكثر من 1000 كيلومتر).

المعلومات دي مش سرية ولا بعيدة المنال.. ولا حتى محتاجة أي مهارة للوصول ليها، مجرد الإنسان يكتب “أهرام مروي” ويدوس إنتر هيلاقيها قدامه في ويكيبيديا .. وأدي اللينك:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA_%D9%85%D8%B1%D9%88%D9%8A#.D8.AD.D8.B6.D8.A7.D8.B1.D8.A9_.D9.85.D8.B1.D9.88.D9.8A

بالتالي فـ”الجهل” مصطلح مش كافي لوصف السخرية المنتشرة اليومين اللي فاتوا على أهرام مروي بعد ظهور صور للشيخة موزة في حرم تلك الأهرام. فسهولة الوصول للمعلومة يفضح حالة التمسك بالجهل وفقد الرغبة في المعرفة مهما كان الطريق للمعلومة سهل، وزي ما هو واضح دي حالة مرضية تستحق الدراسة.

من المعروف أن قطر هي الممول الرئيسي لكافة أعمال الحفر والتنقيب ورعاية الآثار في مناطق شمال السودان، بالتالي فزيارة مسؤولين قطريين للمنطقة أمر عادي وطبيعي وشديد المنطقية، بس تعالوا نروح أن الزيارة دي هي مؤامرة قطرية إخوانجية على مصرنا الحبيبة، وطبعًا عشان نصدق ده ضروري نتغاضى عن أن السياحة في مصرنا الحبيبة بتواجه حرب شرسة تقودها وزارتي الآثار والسياحة بتوعنا، ومش محتاجين نستعرض كوارث أحدثها فضيحة استخراج تمثال رمسيس المكتشف في المطرية مؤخرًا، وفساد المنظومة السياحية بالكامل.. اللي الواضح بدون نقاش من تدني مستويات الإشغال، فبعد ما نعدي كل ده هنلاقي نفسنا أخيرًا قدام حركة سياحة رهيبة تحتاج مؤامرة خارجية لتخريبها، بس زي ما قلنا أن المؤامرة دي بتقوم بيها الدولة القطرية.. بالتالي يبقى الهجوم على الشعب السوداني محض جنون، بس هل كلمة “جنون” تكفي لوصف الحالة العجيبة اللي أصابت المصريين، خصوصًا المواليين للنظام الحاكم؟؟، مع صمت أغلب رموز الثوار عن الأمر بشكل مخزي جدًا.

العنصرية كمان كمصطلح يعجز عن وصف ما يعاني منه شركائي في الجنسية، فهمه عندهم استعداد لسب الشعب السوداني، اللي مش طرف أصلا في الموضوع، ووصفهم بالقرود قال يعني عشان سود، بسس في نفسس الوقت يدفعوا مبالغ ضخمة لممثلين سود بهدف ترويج السياحة في مصر، بس شرط يكون السود دول أمريكان ومشاهير، فنكتشف هنا أن المحرك الرئيسي هو مركبات النقص أكتر ما هو عنصرية، أي إن المواطن المصري مش عنصري تجاه السود ولا حاجة… إنما هو منسحق تمامًا وفي قرارة نفسه هو شخص وضيع ما بيصدق يوهم نفسه إنه أحسن من حد غيره فيتنطط عليه، معتمد في تعاليه ده على الجهل بالأخر، لكن مع أخر معلوم زي “ويل أسميث” مثلًا يفقد المواطن المصري قدرته على إدعاء التفوق وينبطح بلا تردد، لكنه يتعالى ويسب السود اللي بيظن إنهم أدنى منهم، وهي الحالة اللي بيتصورها المصريين عن السودانيين خصوصا والأفارقة عمومًا، وطبعًا استمرار هذا الحالة من التعالي بيستلزم استمرار حالة الجهل بهذا الأخر ومدى تفوقه أو نديته، وعشان كده ماشوفتش حد قرر يبحث ويوصل للمعلومات المتاحة جدًا عن حضارة مروي وأهرماتها، فعالم السموات المفتوحة أسقط أساطير “البلد دي أحسن من غيرها”.. “المصريين أحسن ناس”.. إلى أخر هذه الأوهام الشيفونية، فكان البديل لتعتيم الدولة هو دفن رؤوسنا في الرمال وتجنب المعرفة وتفضيل الجهالة تمسكًا بهذه الأفضلية الوهمية المبنية أساسا على الجهل بالأخر وحتى بالذات.

يعني موقف يسيط زي ده يوضح قد إيه إحنا شعب جاهل ومريض ومتمسك بجهله اللي هو جزء من مرضه.. لكن للآسف مش “وبس”، إنما كمان إحنا أغبياء ومابنعرفش نقرا الواقع فنحدد أولوياتنا ومصالحنا بشكل برجماتي “نفعي بحت”، وده يوضح من أن في عز أزمتنا مع كارثة سد النهضة وما يليه من قائمة سدود ومشاريع منتظر تنفيذها على مجرى النيل، تلاقينا نظامًا وشعبًا نزود العداوة والخصام مع الدول الشريكة في حوض النيل، وكمان نسعى لأكتساب المزيد من العداوات مع البلاد دي على المسستوى الرسمي والشعبي، لأن لو حضرتك متوقع أن قرود السودان بعد قلة الأدب دي كلها ممكن يقفوا ضد قرايبهم من قرود أثيوبيا حفاظًا على مصالحك يا أبيض أنت يا حليوة.. تبقى حمار بديل، ويستحسن تكتب في خانة المهنة بالبطاقة “مغفل”.

عزيزي المواطن المصري العنصري الجاهل المتخلف… قل وداعًا لأي تعاطف إفريقي معاك، واستعد لشح مائي تاريخي.. وروح أركع بقى على ركبك لكفيلك الخليجي يمكن يشتريلك مياه معدنية أو يجبرك ع التحور البيلوجي وتتعود على شرب النفط أو مخلفاته لإنها أرخص، مش كده وبس.. إنما كمان هتخسر ملايين المواطنيين المصريين اللي زيك لإنهم من القرود صاحبة هذه الحضارة التليدة.. وأنا أولهم.

أخيرًا طبقًا لنظرية التطور فالقرد هو أقرب أسلاف الإنسان العاقل، لكن واضح كده من أعتبار المصريين للقرد إنه سُبة إنكم متطورين من مصدر مختلف.. بالتالي الناتج جاء مختلف.

رامي صلاح يحيى
شاعر وقاص مصري من منطقة النوبة .
صحيفة حريات

Exit mobile version