قطاع الشمال.. سيناريوهات ما بعد الإنقسام

تطورات دراماتيكية تشهدها الحركة الشعبية قطاع الشمال عقب تقديم نائب رئيسها عبد العزيز الحلو باستقالته إلى مجلس التحرير الذي يجتمع هذه الأيام بكاودا.. ويبدو أن الإستقالة ألقت بحجر كبير على البركة الساكنة ووضعت الحركة الشعبية أمام إنقسام كبير ربما يقود إلى سيناريوهات سيئة تصل إلى حد المواجهة العسكرية.

ويوم السبت خرج مالك عقار رئيس الحركة عن صمته مؤكدا صحة ما تم تداوله عن إستقالة الحلو قائلاً إنه “سيتم التعامل معها بما تستحقه من تعامل لائق ومناقشة كل القضايا التي وردت بها داخل أُطر الحركة الشعبية وقيادتها علي راسها المجلس القيادي”.

واستبعد عقار التنازل عن قضايا المنطقتين المتعلقه بالترتيبات السياسية والامنية مؤكدا بانه لا تفريط فيها، وحاول نفي وجود اي تغيير في هياكل الحركة السياسية او العسكرية بما في ذلك وفدها التفاوضي، وقال بان الجهة الوحيدة التي ستتعامل مع القضايا السياسية هي المجلس القيادي ومع الوضع العسكري هي رئاسة هيئة الاركان العامه للجيش الشعبي.

ويشير حديث عقار ضمنا إلى عدم أعترافه بأي قرارات تصدر من مجلس التحرير إقليم جبال النوبة، وذلك عقب تداول وثيقة بصورة واسعة على المواقع الإلكترونية ممهورة باسم آدم كوكو كودي رئيس مجلس التحرير، وتتحدث عن حل وفد التفاوض وتكوين وفد جديد، وسحب ملفات العلاقات الخارجية والتحالفات السياسية من الأمين العام للحركة ياسر عرمان.

وحدد المجلس فترة شهرين لقيام مؤتمر استثنائي لإجازة المانفستو وكتابة دستور جديد للحركة وانتخاب مجلس التحرير القومي. ورفض المجلس بحسب الوثيقة بالاجماع إستقالة عبد العزيز الحلو من موقعه كنائب لرئيس الحركة الشعبية.

وذكرت المواقع الإلكترونية المؤيدة لمجموعة الحلو أن مجلس التحرير قرر الغاء قرارات فصل وتقاعد عدد من القيادات العسكرية والمدنية أبرزهم ياسر جعفر ورمضان حسن نمر.

ويبدو أن الإنقسام داخل قطاع الشمال أصبح واقعاً لا مفر منه، كما أن كلا المجموعتين المتصارعتين تحاول استمالة الحركة الشعبية الأم بجنوب السودان إلى صالحها، فمن ناحية نظرية فإن تأييد جوبا لأي من الطرفين يضمن ترجيح كفته في مواجهة الطرف الآخر، خاصة أنها ظلت الحاضنة الطبيعية للمتمردين السودانيين. لكن جوبا تعاني هي الأخرى من أزماتها الداخلية بدءاً من الحرب مع المعارضة ومواجهة الإنشقاقات المتوالية في صفوف جيشها وسياسييها إضافة للاوضاع الإنسانية المتردية التي أدت لإعلان المجاعة في جنوب السودان.

وقد راجت الأحاديث عن وصول وفد من قيادات قطاع الشمال إلى جوبا لاطلاع قيادات بالحركة الشعبية جنوب بمخرجات إجتماع مجلس التحرير. كما بدأت إتصالات مكثفة مع مكاتب الحركة باوربا والخارج لضمان تأييدها لمواقف مجموعة الحلو أوعقار وعرمان.

ومع هذه الأجواء المشحونة بالتوتر كثرت الشائعات عن وقوع اشتباكات داخل كاودا وانقسام قوات قطاع الشمال الي مجموعتين، وإرسال طائرة من جوبا لإحضار القادة التنفيذين إلى جوبا لبحث الوضع.

وبالرجوع إلى إستقالة الحلو فرغم أنها جاءت متأخرة بعد سنوات من تحكم عقار وعرمان في مفاصل قطاع الشمال إلا أنه انتهز الوقت المناسب لتسديد “الضربة القاضية” إلى غرمائه، فالقطاع حالياً يعاني من عزلة دولية كبيرة بعد عرقلته لأكمال ملف السلام في المنطقتين وتراجعه عن خارطة الطريق وإكمال المفاوضات مع الحكومة إلى جانب رفضه للمقترح الأمريكي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المنطقتين.

فقد حمّل الحلو في خطاب إستقالته المطول، عرمان مسؤولية الدفع بموقف تفاوضي أضر بمصالح الجيش الشعبي، متجاوزا الترتيبات الامنية المتفق عليها. وقال إن الخلافات الحادة مع عقار وعرمان تجاوزت المسائل الثانوية إلى المبادئ. وقطع الحلو بعدم استطاعته العمل مع رئيس الحركة وأمينها العام لانعدام المصداقية لديهما وتأكل عنصر الثقة، متمسكا بإبعاد عرمان عن رئاسة ملف التفاوض حول المنطقتين، وإخضاعه ورئيس الحركة مالك عقار إلى المساءلة.

وحتى الآن فإن الغموض سيد الموقف ولا يعرف إن كانت الأمور ستمضي نحو مسارات أخرى بعد أن تباعدت المواقف وتعمق الإنقسام، أم أن اجتماعات مجلس التحرير ستخرج بقرارات تعيد ترتيب الوضع التنظيمي لقطاع الشمال، وإعادة هيكلة ملف التفاوض، وعقد مؤتمر عام استثنائي خلال شهرين، وهو ما يرفضه رئيس القطاع والأمين العام.

وأي كان الأمر فإن المراقبون ينتظرون تبعات ما يجري داخل قطاع الشمال على ملف السلام وإمكانية إحداثها لتغييرات تجعل مواقف القطاع أكثر مرونة في التعاطي مع ملف المفاوضات وتسوية الصراع في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

تقرير: عبد الله بشير (smc)

Exit mobile version