السودان وتمثيلية طرد أبوالفتوح

تعجبت كما تعجب الكثيرون ليس فى مصر فقط، بل فى عالمنا العربى والسودان بصفة خاصة لقرار السلطات السودانية بطرد القيادى الإخوانى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ومنعه من دخول السودان، وترحيله على نفس الطائرة التى أقلته للخرطوم بهدف تلبية دعوة للمشاركة فى الندوة الخاصة بمناقشة أفكار الإخوانى الراحل الدكتور حسن الترابى.
ودعوة القيادى الإخوانى المطرود الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، جاءت من الأمين العام للمؤتمر الشعبى السودانى الدكتور إبراهيم السنوسى والمقرب من السلطات الحاكمة فى السودان، وأيضا السلطات والأجهزة الأمنية السودانية، مما يؤكد أن دعوة أبوالفتوح جاءت بموافقة ومباركة تلك الأجهزة وليس دون علمها.
وتحرك وسفر الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القيادى الإخوانى للخرطوم لتلبية الدعوة، لم يتم دون علم السلطات والأجهزة الأمنية المصرية والتى لم تفرض حظرًا على سفره خارج مصر وتنقلاته، بل أتاحت له الحرية الكاملة فى السفر والتنقل، كما أنها لم تطلب من السلطات الأمنية السودانية منعه وطرده وإلا كانت تلك السلطات السودانية أعلنت ذلك.
فالقيادى الإخوانى المطرود عبدالمنعم أبوالفتوح تم طرده ومنعه من دخول السودان، بقرار منفرد من السلطات السودانية وليس بقرار مشترك مع السلطات الأمنية المصرية، ولعل أكبر دليل أن الجهات الرسمية فى مصر سواء السياسية أو الأمنية لم تصدر أى تصريحات بشأن عملية الطرد له وأعادته على نفس الطائرة، ولم تعلن أى جهة مصرية ترحيبها بهذا القرار السودانى وتوجيه الشكر للسلطات الأمنية السودانية.
والغريب أن قرار السلطات السودانية بطرد وإبعاد القيادى الإخوانى عبدالمنعم أبوالفتوح، جاء فى وقت تشهد فيه العلاقات المصرية ـ السودانية بعض التوترات بسبب صدور تصريحات سودانية هوجاء وغير مسئولة وبصفة خاصة حول قضية حلايب وشلاتين، وأن بعض الأوساط السودانية الرسمية قامت بتصعيد هذه التصريحات العدائية بشكل مستفز.
والأغرب من ذلك أن قيادات الإخوان داخل السودان فسروا قرار الطرد بأنه محاولة سودانية لإرضاء الجانب المصرى وتهدئة العلاقات المتوترة بين البلدين، وأن طرد القيادى الإخوانى يأتى فى إطار صفقة سودانية، وهو ما ظهر فى تعليقات وتصريحات ومقالات إخوان السودان سواء فى الصحف الموالية لهم أو شبكة التواصل الاجتماعى.
وخيال إخوان السودان وأيضا الإخوان الهاربين من مصر ذهب إلى عملية الربط بين زيارة مبعوث سودانى خاص لمصر ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أيام من عملية طرد أبوالفتوح فى محاولة للتأكيد على صحة خيالهم المريض بأن السودان تقدم عربون محبة لمصر، ونسوا أن مصر كان بوسعها من الأساس منع أبوالفتوح من السفر وركوب الطائرة التى عاد بها دون الحاجة إلى مساعدات أجهزة الأمن السودانية.
والأكثر من ذلك أن السودان لم يقدم أى تعاون أمنى ملموس منذ ثورة يونيو ٢٠١٣ والتى أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية بعد أن اتخذت الجماعة السودان ممرًا وجسرًا آمنًا لهروب غالبية قياداتها من مصر إلى قطر وتركيا ودول أخرى ولم تبادر السلطات السودانية بتسليم بعض الهاربين والمقيمين حتى الآن فى أراضيها وفى الحماية الأمنية السودانية حتى تؤكد حسن النوايا الجادة لها.
كما أن السودان لم يتخذ إجراءات جادة فى سبيل عملية تأمين الحدود المشتركة مع مصر، لوقف عمليات تهريب السلاح للعناصر الإرهابية التى تتخذ من تلك الحدود ممرًا آمنًا لتهديد أمن مصر واستقرارها ونفس الأمر مع ليبيا التى قدمت العديد من الأدلة على تهريب السلاح للميليشيات الإخوانية والإرهابية عبر الأراضى السودانية، ولكن السلطات السودانية لم تتخذ أية إجراءات فعالة يمكن أن تدرج فى إطار الصفقة وليس قرار طرد أبوالفتوح.
فقرار السلطات السودانية السياسية والأمنية بطرد القيادى الإخوانى أبوالفتوح ليس أكثر من تمثيلية سودانية لا تنطلى على المصريين خاصة أن ورقة أبوالفتوح بالنسبة لهم ورقة محروقة، ولكن السودان أعد هذه التمثيلية لكى يقدمها للعالم الخارجى وخاصة الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الرئيس ترامب وأن مصر ليست فى حاجة كمثل هذه الهدايا السودانية.

محمود نفادي
*كاتب مصري
البوابة نيوز

Exit mobile version