والدة خطيبتي تزوجت بعد وفاة زوجها وهذا أقلقني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأبدأ في الموضوع سريعًا: طول حياتي ما كنت أتوقع أن أتزوج عن حبّ، أو أنّي أفكّر في أحد، وأنا في آخر سنة في الجامعة أحببت بنتًا، لا أعرف كيف حصل ومتى! ووجدت نفسي أحبّها وأخاف عليها، وأغار عليها من كل شيء.

قرّرت أن أتقدّم لهذه البنت، وهي وأهلها يعرفوني، وحينما تقدّمت وافقوا عليّ، مرّت 3 سنوات خطبة، وكنَّا متفقين على الزواج بعد أربع سنوات؛ لأنَّ البنت في كلية الطبّ، وحينما تقدّمت كانت في سنة أولى.

أعاني من مشكلة سبّبت لي حالة نفسية رهيبة، وغير قادر أن أتخلص منها، وأحبّ أن أعرف رأيكم ربما تفيدوني:

البنت وهي صغيرة، وأختها في عمر 3 سنوات، توفي والدها، وقامت بتربيتهم والدتهم، وحينما وصلت البنت 10 سنوات قرَّرت الأم أنّ تتزوج، تزوجت الأم وبقيت البنت تربيها أمها، وأنجبت الأم ولدًا وبنتًا مرة ثانية من الزوج الآخر، وبعد زواج 4 سنوات توفي زوجها الآخر.

أنا من أكثر النَّاس الذين يسبب لهم زواج الستّ بعد وفاة زوجها بسبع أو عشر سنوات أزمة نفسية، وأصبحت أكره والدتها، ولا أستريح لها.

مشكلتي هي: أنّي أحسّ بخنقة داخلي، وأنَّ أمّ زوجتي ستكون تزوجت اثنين من قبل، وأنَّ لها أخوات من الأم، وسيكونوا أخوالاً لأبنائي، وكنت أتمنى أن أعيش مثل باقي النَّاس، وألا يكون للبنت من أمها إخوة، عدا أنَّ أمّها تزوجت شخصٌ ثاني بعد وفاة زوجها، ولها أخوات من الأم.

مع أنَّ البنت تحبني جدًا، وأنا أيضًا أحبّها، وعمرها مارفضت لي أي طلب، وما كسرت كلامي أبدًا، وتعرف أنّي كاره لوالدتها بسبب هذا الموقف، وما زالت لا ترفض لي أي طلب، ولا تكسر كلامي، ومن أكثر البنات اللآتي رأيتهنَّ في حياتي محترمة ومؤدبة، وتعرف ربي، وتصلّي.

أحبّ أن أعرف رأيكم في النقطتين السابقتين، وماذا أعمل؟! وما رأيكم، وكيف أتقبّل الموضوع؟ أو أنَّ الموضوع سيبقى متعبني طول حياتي؛ لأنَّ الموضوع شاغل حيّز كبير من تفكيري!.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرًا على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

إنَّ الذي فعلته والدة الفتاة لا غبار عليه من الناحية الشرعية، ولها قدوات في ذلك من الصحابيات العظام؛ فأسماء بنت عميس -رضي الله عنها- تزوجت من جعفر بن أبي طالب، وأنجبت منه، فلّما استشهد تزوجت من أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وأنجبت منه، فلّما مات -رضي الله عنه- تزوجت من علي -رضي الله عنه-، وحصل مثلها لعاتكة بنت زيد -رضي الله عنها-.

وغيرتك أو رفضك ليس في مكانه؛ فتعوّذ بالله من شيطان همّه أن يجلب الأحزان لأهل الإيمان، نسأل الله لنا ولكم التوفيق، ونسأله سبحانه أن يقدّر لك الخير ثم يرضيك به.

وأرجو أن تعلموا أنَّ من فوائد زواج والدتها أن يكون لها عدد من الإخوة والأخوات، وهم في المستقبل أخوال لأبنائك وخالات، والإسلام شرع الزواج؛ ليتواصل النَّاس ويتعارفوا ويتواصلوا، والإنسان -كما قيل- مدني بطبعه؛ فهو بحاجة إلى من يكون إلى جواره سندًا وعضدًا.

ولو أنَّ والدتها تزوجت بثالث لما كان عليها في شرع الله من حرج، وعليه فنحن نوصيك بكتمان ما في نفسك مع ضرورة الاجتهاد في إزالة الأفكار السالبة، وشجّع الفتاة على القرب من أمها، والدعاء لوالدها.

احرصا على التأقلم مع الأوضاع، وتذكّر أنّك سوف تتزوج من الفتاة وليس من أمّها، ويكفي أنَّك مدحت أخلاقها، وتذكّر أنّه لا ذنب لها في الذي حصل، ولا يمكن أن تتركها بعد الانتظار لسنوات، ومثل هذا الموقف لا يرضاه الإنسان لابنته، فكيف نرضاه لبنات الناس!.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليكما أن تتذكّرا أنَّ والدة الفتاة صبرت عدد من السنوات، وضحّت قبل أن تتزوج للمرة الثانية، ومثل هذه الأمور تكون المرأة أعرف فيها، وبوضعها، واحتياجاتها، وليس لأبنائها أو بناتها أن يقفوا في طريقها، أو يمنعوا زواحها، بل عليهم أن يقفوا معها إذا قررت الزواج؛ فإنَّ في ذلك برّ لها.

وندعوك إلى إعداد نفسك لإكمال المراسيم، والإسراع في تحويل الخطبة إلى عقد رسمي.

نسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الذنوب، وأن يسعدكم، ويجمع بينكم على الخير.

د. أحمد الفرجابي
المشكاة

Exit mobile version