أصبحت حياتي شكًا وكذبًا ونفاقًا وشهوة!

السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر عشرين عامًا، مطلقة، قبل زواجي أقدمت على تصرفات كثيرة كادت تفقدني عذريتي، وتعرفت على رجال كثر من مختلف الأجناس والأعمار، وكنت مراهقة بالمدرسة، وابتدأ هذا الشيء بحياتي منذ كنت بالصف السابع وما زال، أقسم بالله أنني أتحدث وقلبي يعتصر من الألم، وأكره نفسي، على الرغم من أنني فتاة ذكية وجميلة، إلا أن هذا الطبع قد دمر حياتي، وبسبب هذه العلاقات أصبحت امرأة شهوانية جدًا، ومهما حاولت الاستقامة مع الله شهوتي تغلبني، وأقسم بأنني حاولت مرارًا وتكرارًا حين تزوجت بناءً على إلحاحي بالدعاء لرب العالمين بأنني أريد الزواج لأنني قد وصلت إلى مراحل متقدمة من الطيشان، والمصيبة أن أهلي متعلمون ومدركون، ويحترمون حريتي، إلا أنني كنت بارعة بالكذب واختلاق الأعذار لأخرج من البيت وأمارس ما كنت أمارسه.

شاء الله وتزوجت من رجل دمرني، وكان دومًا يهينني ويتركني حبيسة المنزل وحيدة وأنا ما زلت عروسة جديدة! فعدت إلى عادتي، وأصبحت أكلم الشبان على الفيس، ومنهم من آتي به إلى بيتي وأفرغ معه شهوتي، ولكن ليس إلى الحد الذي من الممكن أن يفتضح به أمري.

حينما شعرت بأنني تدمرت أكثر؛ قررت الانفصال، وها أنا منفصلة، وما زلت أمارس عادتي، والبلاء أنني لست مقتنعة بأنني سيئة وكاذبة ومنافقة ودنيئة، دومًا أنظر للآخرين بأنهم يقومون بظلمي، والآن قد قرأت فاتحتي على رجل يكبرني بـ10 سنوات، وما زال بداخلي داء كلام الشبان، وأصبحت أهلوس أكثر، ولا أقتنع بأن خطيبي صادق، ودومًا أشعر بأنه كاذب ويخونني، وسوف يفعل مثل ما أنا أفعل من ورائه!

لقد دمرتني الشكوك وأتعبت نفسيتي، وقد تعاون خطيبي معي، وحاول أن يثبت لي عكس كل ما أشك به، إلا أنني في كل مرة أطلب منه أن يثبت، والويل له لو قام هو معي بذلك، فورًا أقول له: أنت لست مثلي، أنا إنسانة صغيرة، ولم ألحق على فعل كذا وكذا، وأبكي بحرقة، ولا أتذكر شيئًا من فعائلي، وأصدق نفسي بأني إنسانة لم أفعل شيئًا، وأحترف الكذب، لدرجة أني أصدق ما أقول، والجميع يقتنع، حتى أصبحت حياتي شكًا وكذبًا ونفاقًا وشهوة..إلخ!

ماذا أفعل؟ لجأت لله، وفي كل مرة أفشل في أن أصمد. أعينوني فقد دمر حياتي الشك والكذب، وأخاف أن أفشل أيضًا بزواجي للمرة الثانية.

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

فإن الإنسان يستطيع أن يخدع الناس، ولكن أين رب الناس القائل: {ألم يعلم بأن الله يرى}؟! فانتبهي لنفسك، واعلمي أنه يمهل لكنه لا يهمل، وأنه سبحانه يستر ويستر، ولكن مع التمادي في العصيان فإنه يهتك ويخذل، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. وأنت يا -ابنتي- أعلم بنفسك من الناس، والله أعلم بك منك، فاتق الله في نفسك، وتعوذي بالله من شيطان يقودك إلى الهاوية، وتجنبي غضب العظيم إذا تجاوزت وعاندت {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

أرجو أن تعرفي مقدار نعمة الله عليك، وهو سبحانه يسوق لك الراغبين فيك بالحلال، وتمسكي بمن جاء يطلبك بالحلال، ولا تطارديه بالشكوك والظنون؛ فإن لصبره حدودًا، ولا يجوز لك تتبع العورات أو البحث عن ثغرات، ومن تتبع عورات الآخرين تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في قعر داره. واعلمي أن سكوتك عنه سوف يحمله على السكوت عنك، ولكن طريق الاتهام له وتتبع عورته سوف يدفعه لتتبعك حتى يهتك الأستار، والذي بيته من زجاج لا يرمي الآخرين بالحجارة، فاشتغلي بإصلاح نفسك، ولا تقولي لا أستطيع، فأنت مسلمة وصاحبة إرادة تتركين معها طعامك وشرابك لله، والحرام حرام، والحرمة تشتد على من تزهد في الحلال وتمارس الحرام، فتستبدل نعمة الله جحودًا وكفرًا.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واحرصي على تفادي كل طريق يوصل إلى الحرام، فغضي بصرك عن الرجال، وابتعدي عن كل المثيرات، وثقي بأن طريق الطيش لا يوصل إلى الإشباع، لكنه يوصل إلى السعار، وأن العاصية لا تستمتع بمعصيتها إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب، كما قال ابن القيم -رحمة الله عليه-، واحرصي على صحبة الصالحات، وأشغلي نفسك بالصلوات وتلاوة الآيات، وتخلصي من كل ما يذكرك بالموبقات، وواظبي على الأذكار وعلى قراءة الرقية الشرعية على نفسك، ولا تسارعي إلى الطلاق؛ فإن ذلك لا يفرح سوى عدونا الشيطان.

ونحن في الحقيقة نشكر لك هذه الإفاقة التي دفعتك للتواصل مع موقعك، ونحيي فيك هذه اليقظة التي تدل على خير كثير في نفسك، فاجتهدي في تنمية عناصر الخير، واستمعي لكلام الناصحين، وراقبي رب العالمين، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يغنيك بالحلال عن الحرام، وأن يستر عليك، وأن يرزقك بذرية صالحة، وأن يسعدك ويجعلك من أهل الاحتشام.

د. أحمد الفرجابي
المشكاة

Exit mobile version