*نعم؛ نحن بحاجة إلى انقلاب سريع..
*انقلاب بأعجل ما يمكن ؛ اليوم قبل الغد..
*انقلاب جذري لا يعيد إنتاج الأزمة ، ولا يراوح مكانه ، ولا يكتفي بالشعارات..
*انقلاب هو الأهم في تاريخنا منذ نيلنا استقلالنا..
*منذ أن عرفت بلادنا (موضة) الانقلابات فأدمنتها بأكثر من أي بلد آخر..
*منذ أن صار (البيان الأول) جزءاً من ثقافتنا السياسية..
*فالانقلاب الذي نعنيه (ينقلب) حتى على مثل هذه الانقلابات العسكرية..
*انقلاب يرج ذواتنا السودانية فيُخرج منها زبدها..
*وتحديداً في زماننا هذا نحن أحوج إلى هذا الانقلاب أكثر من أي زمن مضى..
*فقد كثر بيننا التغرب والاستلاب والشعور بالدونية..
*صرنا نُكثر من (استلاف) ألسنة الغير- من العرب- حتى كدنا ننكر لساننا؛ وينكرنا..
*وانتشرت عندنا تقليعات الشعر واللبس والعادات والأفراح..
*فزفة أعراسنا مصرية، وقصات شعورنا (برشلونية)، وبعض أزيائنا خليجية..
*وتفشت فينا جرثومة الغش والرشى والخداع والاحتيال..
*فهوت خدمتنا المدنية، وتضخمت تقارير مراجعنا العام، وانكمش ضميرنا السوداني..
*وسرت بدواخلنا عدوى (ما يشبه) النفاق باسم الدين..
*فانداحت ظاهرة المسابح، واللحى ، والتكبير ، ورفع مكبرات الصوت في المساجد..
*وأعني رفع الصوت بالوعظ والتلاوة ؛ وحتى الصلاة..
*علماً بأن السعودية – ودولاً إسلامية أخرى- لا يُسمع من مساجدها إلا الأذان..
*وحكمة المنع – وفقاً لفتاوى رسمية- قفل باب (الرياء)..
*وأضافت وزارة الشؤون الدينية السعودية إلى ذلك سبباً آخر..
*وهو تسبيب (الأذى) لمجاوري المسجد من المرضى والرضع والمسنين..
*والخلاصة أننا فقدنا ملامحنا السودانية وأصبحنا مسوخاً..
*أمسى غناؤنا مسخاً، وشاشاتنا مسخاً، وأزياؤنا مسخاً ، ومناسباتنا مسخاً..
*بل حتى (تديننا) نفسه كدنا أن نصيره مسخاً..
*أما الظاهرة الأغرب- هذه الأيام- فهي عشق إقامة احتفالات لأي (حاجة)..
*سواء لسبب (تافه) ، أو من غير سبب (خالص)..
*فإن تخرج طفل في الروضة فعلنا له ما يُفعل- أو ما لا يُفعل- لعريس ليلة زفافه..
*وإن طبع شاعر ديواناً- أي كلام- أقام له حفل (تدشين)..
*وإن اُختير شخص وزيراً نصب السرادقات ، وذبح الذبائح، ورقص مع الراقصين..
*وإن بنت ولاية مدرسة هب واليها للمشاركة في حفل افتتاحها..
*وإن تطلقت سيدة مجتمع – وهذه جديدة (لنج)- دعت صاحباتها إلى (تورتة الطلاق)..
*وتتوالى الظواهر التي تبعدنا عن ملمحنا وأصلنا وهويتنا..
*ويتوالى انجذابنا إلى كل ما (لا يشبهنا)- من الخارج- بدافع من الإحساس بالنقص..
*وتتوالى مطالبتنا بضرورة انقلاب يُزيل عنا (رواسبنا)..
*ويُعيدنا إلى (أيام صفانا !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة