سودانيون يريدون لنا العقوبات!

بينما انطلقت حملة تزعم وقوف المندوب المصري بمجلس الأمن، مع استمرار عقوبات مجلس الأمن على السودان بسبب دارفور، انطلقت موجات من التنديد بالموقف المزعوم، حتى اندلعت حرب الوثائق المسربة، التي اختلطت فيها على الكثيرين عقوبات مجلس الأمن الدولي بالعقوبات الأمريكية.
ومابين عقوبات مجلس الأمن الدولي، والعقوبات الأمريكية التي رفعت، شكل بعض السودانيين في الكونجرس الأمريكي موقفاً يماثل ما اُتهمت به مصر في مجلس الأمن، وللأسف مواقف السودانيين موثقة بالصوت والصورة.
إذ تقدم السيد عمر اسماعيل عن جماعة (كفاية) في جلسة من جلسات الاستماع بالكونجرس الأمريكي بلجنة (توم لانتوس) بمداخلة، مطالباً فيها بعدم رفع العقوبات الأمريكية الاقتصادية على السودان، وقدم الرجل مرافعته المبنية على سوء النظام الحاكم، واقعاً في فخ عدم التفريق بين الحكومة وبين الشعب، كأنه لم يسمع (حكومات تجي وحكومات تغور).

وأعقبت السيد عمر اسماعيل (كفاية)، وفي نفس اللجنة (توم لانتوس) قدمت السيدة أسماء محمود محمد طه ورقة ختمتها بطلب (ألا ترفع العقوبات الأمريكية عن بلادنا، بأعتباره مؤشراً غير حقيقي لتحسن الأوضاع في السودان).
ومتلازمة الخلط بين النظام الحاكم وبين الشعب المحكوم، يجب أن تكون محل دراسة، خاصة لمن ينتدبون أنفسهم للتحدث باسمنا نحن السودانيين المحكومين لا الحاكمين، فالمؤكد أننا لم نرشح أحداً ليتحدث نيابة عنا، نحن الذين نعاني من قرارات الحظر وليس السادة حكامنا، نحن من يموت مرضى السرطان في بلادنا بسبب الحظر، لا أصحاب البدل وأربطة العنق من حكامنا، نحن من تستغل دول الجوار منتجاتنا للتصدير لأوربا، بعد أن تمسح منها اسم السودان، فتستأثر بطيب العملات الحرة وتترك لنا العملات المستعبدة.
نحن من تساقط اسطول ناقلنا الوطني طيب الذكر سودانير (أقال الله عثرتها)، وذلك بسبب حظر استيراد قطع غيار الطائرات، طبعاً إضافة الى جماعة هيثروا.
ونحن من توقفت السكك الحديدية عن نقل أهلنا من مختلف بقاع السودان، فتناثرت دماء الكثيرين على الأسفلت، وارتفعت قيمة نقل منتجاتنا المختلفة بنسبة تقارب الثلثين.

وكما يقول المثل الشعبي في جنوب الوادي (الذي لا يرى من الغربال فهو أعمى)
فكليهما اسماعيل وأسماء لم يريا الفرحة التي عمت الكثير من السودانيين بقرار رفع الحظر الأمريكي، والسياسي الذي لا يستشف مصلحة الشعب غير جدير بأن يتحدث باسمه.
وبدلاً عن التصعيد مع دول الجوار بزعم أنها وقفت ضدنا في مجلس الأمن، وأن يكون هذا التصعيد خارج القنوات المتعارف عليها، فهؤلاء أبناء جلدتنا حملة الجنسية السودانية (وربما جنسية إضافية) الذين شربوا من ماء النيلين في ردهات الكونجرس، يحجون الى لجنة (تو لانتوس) ليرجعوا سيف العقوبات مسلطاً على المساكين، بينما هم ينعمون بطيب الإقامة في بلاد العم ترامب.

راي:طاهر المعتصم
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version