هل يقوم رئيس مصر بإعلان مفاجيء للعالم أن مصر قد تنازلت للسودان عن حلايب وشلاتين ويأمر القوات المصرية بالانسحاب من المثلث؟

خطاب مفتوح إلى عقلاء المصريين من الخبراء الاستراتيجيين ومتخذي القرار
واضح أن أجهزة المخابرات وكذا الدبلوماسية المصرية حائرة أمام مشكلة السودان ولا تعرف كيف تتصرف حيالها لأن كل ما يحدث الآن من تطورات متسارعة جداً في الأحداث لم تكن محسوبة فتقديرات ردود الفعل السوداني لدى المصريين كانت مختلفة ومبنية على حسابات خاطئة وواضح أن متخذ القرار المصري حائر هو الآخر. فمصر كلها لم تكن مواكبة لتطورات العقل السوداني على المستوى الشعبي ولا على المستوى الرسمي. الآن مصر تتخبط وكلما تحركت أكثر تخبطت أكثر وجاءت ردود الفعل السوداني على غير ما تتوقع. والمشكلة هي أن العناد والاستكبار المصري وعدم الاعتراف بالواقع وعدم الاستعداد للتعامل معه يزيدان الطين بلة.

نحن لا يهمنا ما يجري داخل مصر الرسمية ومخابراتها من خطط واستراتيجيات ولكن يهمنا ما يلينا في المعاملة كسودانيين يهمنا استرداد أرضنا المسلوبة ويهمنا عودة مصر إلى الوعي والعقل بالتعامل مع السودان بالندية المطلوبة قبل أن يحدث ما لاتحمد عقباه. ومؤكد أن هذا الأمر يهم مصر أيضاً لو كانت حريصة على كسب السودان لصالحها وفي صفها وخاصة تجاه قضايا المياه وغيرها من القضايا الاستراتيجية التي لا غنى لمصر عن السودان فيها.

ومن أجل هذا فإنني أتقدم لعقلاء المصريين بهذا المقترح الذي يحفظ لمصر ماء وجهها ويجنبها المواجهات مع السودان والخسارة على المستوى الاستراتيجي البعيد المدى وعلى كافة الأصعدة فمصر الآن تقف وحدها في خضم صراعات كثيرة داخلية وخارجية.
على مصر أن تعلم أنها لكى تستعيد ثقة السودان وتضمن وقوفه بجانبها في قضايا المياه والقضايا الأخرى العالقة قضايا الاقتصاد والتجارة النظيفة وقضايا الحريات والاتفاقيات الثنائية وغيرها أن تعيد حلايب وشلاتين للسودان الآن وفوراً سلماً دون حرب ودون تحكيم دولي. تعيدها بمبادرة منها مثلما تنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية هكذا فجأة يقوم رئيس مصر بإعلان مفاجيء للعالم أن مصر قد تنازلت للسودان عن شلاتين وحلايب ويأمر القوات المصرية المتواجدة في المنطقة بالانسحاب من مثلث حلايب فوراً. (أنا أعلم أن كثيراً من السودانيين لا يريدون أن تحدث الأمور بهذه الطريقة لأنها سوف تثبت حقاً للمصريين هم لا يملكونه) لكن الآن نهتم بالأمر الأهم وهو أن نحل المشكلة التي بقيت عائقاً كبيراً في علاقات البلدين وظلت مصر تستخدمها كرتا لتهديد السودان في كل مرة. المهم هو خروج مصر من المثلث. وأن يكون هذا القرار بادرة خير من مصر تجاه (الشقيق الأزلي السودان)!

اقول هذا الكلام وفي بقية صفحات الملف القضايا التي تثيرها مصر ضد السودان: (دعاوى رعاية الإرهاب وغير ذلك من الملفات غير الحقيقية والتي تخدم حلفاء آخرين في المنطقة) اقول عند تغليب كفة الخيارات فسوف تجد مصر أن كفة السودان والمياه ينبغي أن ترجح على المصالح المصرية الأخرى مهما عظمت لأن مصر لو خسرت السودان فسوف تخسر حياتها ونماءها ومستقبلها وكل شيء. واضح أن العصا الغليظة لم تعد تفلح في تهديد السودان فالسودان قد كبر عسكرياً ودوليا وبدأ يستعيد عافيته بل ويتجه نحو حلفاء آخرين في المنطقة الافريقية والعربية على حد سواء ومن الخير لمصر أن تكسبه اليوم غير مكتمل النمو من أن تعاديه وهو عملاق بعد ما فشلت في السعي لإبقاء العقوبات عليه وهي تعلم أن العقوبات مسألة طارئة ولن تستمر للأبد.

هذه الصراحة المؤلمة أرجو ألا تستفز مصر مثلما أرجو ألا تستفز السودان فهي طرح للحقائق والوقائع على بلاطة وعلى بساط الحوار العقلاني لأان فيه مصلحة الطرفين. ولو كنت متخذ قرار لمصلحة مصر لاخترت هذا الخيار لما فيه من حفظ ماء الوجه لمصر ولما فيه ايضاً من المصالح المشتركة المستقبلية. وحتى لا يقال بعد فوات الأوان ليتكم نصحتمونا من قبل.
أنا على أتم الاستعداد لأكون سفير النوايا الحسنة من أجل إغلاق ملف حلايب وشلاتين للابد وقد كنت يوما عضوا للجنة المفاوضات التي توقفت بسبب التعنت المصري الذي أدى إلى هذه النتائج التي نراها اليوم.
فهل يقرأ عقلاء مصر هذه الدعوة بتأن وتفكير إيجابي؟ يكفيني أني قد أبلغت!!

بقلم
د. عمر فضل الله

Exit mobile version