“الطاهر ساتي” يكشف حب “فيصل محمد صالح” لمصر

محـــدود الأثــــــر!!
مرّ الأصمعي بصخرةٍ، وإذ عليها بيت شعر منقوش:
(أيا معشر العشّاق بالله خبروا، إذا حلّ عشقٌ بالفتى كيف يصنع ؟)
فإذا بالأصمعي يرد – على الفتى – بالنقش على ذات الصخرة:

(يُداري هواه ثم يكتم سره، ويخشع في كل الأمور ويخضع)
ثم يمر بالصخرة في اليوم التالي، ويجد رد الفتى:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى، وفي كل يومٍ قلبه يتقطع ؟)
فيكتب الأصمعي ناصحاً:
(إذا لم يجد الفتى صبرًا لكتمان أمره، فليس له شيء سوى الموت ينفع)
ثم يمر بعد أيام بذات المكان، وإذا بالفتى مقتولاً بجوار الصخرة، بعد أن كتب:
..!! (سمعنا أطعنا ثم متنا فبلّغوا، سلامي إلى من كان للوصل يمنع)
> وهكذا حب الأخ فيصل محمد صالح لمصر، ولكنه يختلف عن فتى الأصمعي بالصبر على (كتمان الحب) .. فلنقرأ بعض أسطره وهو يكتب عن قرار المخابرات المصرية الذي يحظر دخول الصحفيين السودانيين إلى مصر، إذ يقول فيصل بالنص: (القرار شمل اثنين من الصحفيين، وقد يشمل صحفيين آخرين، أو كل الصحفيين، هذا هو حجم القرار وحجم تأثيره).. هكذا يرى الأخ فيصل محمد صالح الوضع الراهن، أي قد تشمل قائمة مخابرات مبارك بمطار القاهرة صحفيين آخرين غير ساتي وإيمان، وقد تشمل كل الصحفيين السودانيين.. فلنقرأ رأي الأخ فيصل في رد فعل الإعلام السوداني والإقليمي والعالمي حول قرار قد يحظر كل الصحفيين السودانيين عن دخول مصر!!
> ( مفترض ألا يتجاوز رد الفعل حجم الفعل نفسه، و ليس من حقنا – كصحفيين – أن نستخدم سلطة الكتابة والصحافة لتهييج الرأي العام ضد قرار محدود التأثير ليصبح قضية رأي عام)، الأخ فيصل محمد صالح معلقاً على رد فعل الإعلام السوداني والإقليمي والعالمي من قرار مخابرات مبارك.. هو يرى أن غضب الإعلام والرأي العام -على قرار الحظر – قد تجاوز الحد، ويجب أن يتقزم بحيث يكون بحجم القرار .. ومن الخطأ – حسب رأي الأخ فيصل – أن نستخدم سُلطة الكتابة ونستغل الصحافة لتهييج الرأي العام السوداني ضد ما وصفه بالقرار (محدود التأثير)!!
> لو كان من وصف القرار بمحدود التأثير صحفياً شمولياً وكاتباً ديكتاتورياً أو ضابطاً بالمخابرات المصرية أو السودانية، لما لفت النظر وآثار الانتباه واستحق الرد .. ولكن المؤسف أن من يصف قرار الإعلاميين من دخول بلد بمحدود التأثير, هو الأخ فيصل محمد صالح .. بغض النظر عن يكون هذا الإعلامي سودانياً، وبغض النظر عن تكون المخابرات مصرية، فأن حظر أي إعلامي عن حرية الحركة والتنقل, له من الآثار السالبة ما هي بحجم انتهاك كل الحقوق والحريات في الكرة الأرضية.. ولا يليق بأي باحث عن الحقيقة أو مؤمن بالحقوق والحريات, أن يصف هذا النوع من الحظر بـ (محدود الأثر)!!
> فالسلطات هنا وهناك تعتقل الصحفيين وتحظر سفر السياسيين، أي تنتهك حقوقهم المشروعة في إطار القوانين والمواثيق الدولية، فلماذا لا يكتفي الأخ فيصل محمد صالح, بوصف مثل الاعتقال والحظر والانتهاك بـ(محدود الأثر)؟، ولماذا لم يطالب الصحف وكل وسائل الإعلام بعدم تهييج الرأي العام ضد المنتهكين للحقوق الناس وحرياتهم بالسودان وغير السودان ؟.. فالأخ فيصل أكثر أهل الصحافة (ترحالاً وأسفاراً)، وأكثرهم مشاركاً في المحافل الإقليمية والعالمية ذات الصلة بالحريات والحقوق، وأكثرهم حديثاً في الجامعات والندوات – محاضراً ومعقباً – عن الحريات وحقوق الإنسان وعن حق الصحافة والصحفي في التنقل بلا ترهيب أو قيود، فكيف ولماذا (يبلع فيصل) كل هذه المبادئ التي عُرف بها في ( لحظة حب) ؟؟
> وإليكم ما يطالبنا به الأخ فيصل: (حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود فمن الأفضل أن يتجنب الصحفيون زيارة القاهرة هذه الأيام).. نتجنب زيارة القاهرة و (خلاص)، وهكذا نكون قد دافعنا عن حقوق الإنسان وقواعد المهنة المتفق عليها عالمياً، ومنها قاعدة عدم تعطيل الإعلامي وأي مواطن ما لم يكن مطلوباً للعدالة.. فالأخ فيصل من حيث لا يحتسب يدعو الزملاء للاستسلام، بحيث يصمتوا ثم ينفذوا قرار المخابرات المصرية بعدم (إزعاجها)، أي لا تسافروا بحيث تطردكم المخابرات المصرية لتغضب عليها صحافة السودان وإعلام الدنيا والعالمين .. يا عزيزي فيصل: من تعاريف الإعلامي القُح هو الذي يدخل إلى (أمكنة الحظر)، ليعرف ما يحدث خلف الأبواب والستار والمخابرات والأمن.. والمُحزن أنك تعرف هذا الأمر، ولكن من الحب ما قتل المبادئ!!
> فيصل لم يحلل (أصل الأزمة) .. بقناة الجزيرة، وكان المذيع مصرياً، وكان السؤال الثاني عن أسباب (المنع والإبعاد)، وكانت الصور على الشاشة مشاهد من منطقة حلايب، أي – بالحس الإعلامي – عرضت القناة أهم أسباب قرار المخابرات المصرية .. وعندما أجبت بأن السلطات الأمنية بمطار القاهرة لم تخطرني بأسباب (المنع والإبعاد)، فبالحس الإعلامي سألنا المذيع عن القضايا الخلافية بين البلدين، ومنها مواقف الطرفين من قضية حلايب .. وهذا يعني بأن الكل يعلم، بمن فيهم الأخ فيصل محمد صالح، أن هناك قضايا جوهرية بين السودان ومصر، وأن أم القضايا هي ( مثلث حلايب).. وإثارتنا لهذه القضية – ومطالبتنا بتحرير حلايب من الغزاة بكل الوسائل – بعض من الواجب الوطني ودين مستحق تجاه شعبنا.. فهل نؤدي الواجب ونسدد الدين أم نصمت أيضاً ونتجنبها، حتى لا يتهمنا الأخ فيصل بتهييج الرأي العام ضد (احتلال محدود )؟؟

الطاهر ساتي
الانتباهة

Exit mobile version