بدائل لدولة المقر ..!!

توجيه الاتحاد العام للصحافيين السودانيين، وكذلك استنكار الرأي العام لسفر الصحافيين إلى القاهرة، لحين تفسير الجنرال وئام سويلم – رجل المخابرات المصرية بالسودان والقنصل العام لسفارة مصر بالخرطوم – ما يحدث للصحافيين السودانيين بمطار القاهرة،

لن يحظى هذا التوجيه بالاستجابة المطلوبة .. غير الأسباب الاجتماعية والعلاجية والتي يمكن التحكم فيها ثم تغيير مصر بغيرها من دول، فهناك أسباب عامة تُلزم الإعلاميين السودانيين بالسفر إلى القاهرة، ومنها أن مصر دولة مقر للمنظمات والاتحادات الإقليمية ذات الصلة بالصحافة و وسائل الإعلام الأخرى، والسودان عضو و في المكتب القيادي لكل المنظمات والاتحادات الإقليمية التي تحتكرها (مصر)..!!
> ثم، لأن مصر تحتكر المقار ثم الرئاسة أو الأمانة العام للمنظمات والاتحادات العربية والإفريقية، فإن السلطات الإعلامية هناك – بواسطة من يمثلونها في المنظمات والاتحادات – تضع يدها على بنود التدريب والندوات والورش وغيرها من الأنشطة التي تمولها الدول العربية والإفريقية والمنظمات العالمية .. وللإعلامي السوداني حق المشاركة في الدورات التدريبيبة والندوات التي تنظمها الاتحادات والمنظمات العربية والإفريقية بالقاهرة ، والتوجيه بعدم السفر إلى القاهر قد يحرم الصحافيين السودانيين من المشاركة في أنشطة المنظمات الإقليمية.. !!
> ولمخابرات مصر تاريخ سيء في حظر وإبعاد الإعلاميين السودانيين الذين يشغلون مواقع قيادية في اتحاد الصحافيين العرب، و في العام (2004) حظرت تلك المخابرات أستاذنا النجيب آدم قمر الدين عن الدخول إلى مصر (مرتين)، رغم أن الدعوة كانت من الاتحاد العام الصحافيين العرب، وأن النجيب كان قيادياً في مكتبه التنفيذي .. أي حرموه من حق الاجتماع .. ولكي لا يُظلم الإعلامي السوداني وتُنتهك حقوقه بهذا التوجيه، فمع التوجيه يجب أن يبذل الاتحاد العام للصحافيين السودانيين الجهد في نقل مقار الاتحادات والمنظمات العربية والإفريقية من القاهرة إلى (عاصمة محايدة).. فالقاهرة لم تعد على حياد في قضايا الصحافة ومواثيقها الدولية بحيث تكون دولة مقر الاتحاد العام للصحافيين العرب أو الاتحاد العام للصحافيين الأفارقة.. !!
> وكذلك لم تعد القاهرة المكان الآمن للإعلامي السوداني بحيث يقصدها مطمئناً.. أي حتى ولو استقبلوه و أدخلوه من أوسع الأبواب تقديراً للدبلوماسية، فإن عيون مخابرات وئام سوليم وأجندته لن تغفل عن الإعلامي السوداني ..وربما تسبب له المتاعب وتنسب له الاتهامات وتجره إلى حيث تكون مادة إعلامية في القنوات والصحف (القذرة)، وكثيرة هي الوقائع التي تثبت بأن لصحافة المخابرات هناك خبرات وتجارب في (حرق الأبرياء)، ولكنهم يفشلون لأنهم ليسوا محل ثقة العالم .. وعليه، ما لم يكن هذا الإعلامي القادم إلى مصر عميلاً لمخابرات (وئام سويلم)، وداعماً لأجندتها بالسودان ومتصالحاً مع احتلال حلايب وشلاتين وأبورماد، فلن يكون مطمئناً..!!
> وعليه، فإن استنكار الرأي العام السوداني لسفر الإعلاميين السودانيين أو التحذير بعدم السفر إلى مصر، يجب أن يكون موازياً لاستنكارهم لاحتكار القاهرة مقار منظماتنا واتحاداتنا الأفروعربية ذات التمويل العربي والعالمي لأنشطتها ودوراتها التدريبية .. وعلى سبيل المثال، فالرياض، نيروبي، الدوحة، أديس أبابا، تونس، لاغوس، أبوظبي، كانون، الكويت، و..و.. كثيرة هي العواصم العربية والإفريقية ذات الأنظمة المؤهلة سياسياً وأمنياً وإعلامياً و(أخلاقياً)، بحيث تكون دولة المقار للمنظمات والاتحادات الإقليمية .. حتى الخرطوم مؤهلة لذلك، بحيث لم – ولن – تطرد مخابراتها إعلامياً مصرياً حتى ولو كان في مستوى توفيق عكاشة وغيره من الأنذال الذين تجاوزت إساءتهم حاضر السودان إلى (حضارته)..!!
> نعم.. قبل أن تستقل مواقف السودان في قضايا المنطقة، وقبل أن تغادر المواقف الوطنية محطات التبعية والرق النفسي والإحساس بالدونية، خصماً من فاتورة غذاء شعبنا كان وزراء الخرطوم يفتحون صالات كبار الزوار لمن يمثل إعلام مصر ولو كان ناشئاً تحت التدريب.. ثم خصماً من فاتورة الدواء، يحجزون لهم في فنادق الخرطوم مع تخصيص عربات الليموزين.. ثم يتجولون بهم من (وزارة لي وزارة)، وكأنهم مناديب صندوق النقد الدولي..ثم يودعونهم بذات الصالات، ليعودوا ويرسموا الحال بالسودان وكأنه (قطعة من الجنة) .. وفجأة قلبوا ظهر المجن للخرطوم حين انتبهت حكومتها لمصالح بلادها وشعبها، وانحازوا لمصالح بلادهم ودعموا احتلال حلايب (بلا حياء) .. (نستاهل)، لأن التجارب – منذ استقلال بلادنا وحتى عام احتلال مثلثنا – لم تعلمنا طبيعة الأنياب البارزة هناك، وإن كانت لتبتسم أم لتلتهم ..!!

الطاهر ساتي
الانتباهة

Exit mobile version