نبذة مختصرة حول اتفاقية عنتيبي

مقدمة تاريخية:‏
إتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل
كانت الدول المتشاطئة على نهر النيل في السابق مستعمرات لدول أجنبية قبل أن ‏تحصل على استقلالها. وفي ذلك الأثناء ظهرت أولى الاتفاقيات لتقسيم مياه النيل ‏عام1902في‎ ‎أديس أبابا‎ ‎والتي عقدت بين‎ ‎إثيوبيا وبريطانيا ‏‎)‎بصفتها ممثلاً‎ ‎للسودان ‏ومصر المستعمرتين‎(‎‏ من بريطانيا، ونصَّت الاتفاقية على عدم إقامة أي مشروعات – ‏سواء على‎ ‎النيل الأزرق، أو‎ ‎بحيرة تانا‎ ‎ونهر السوباط، ثم اتفاقية بين بريطانيا‎ ‎وفرنسا، ‏عام1906 ، وظهرت عام 1929 اتفاقية أخرى، تتضمن إقرار دول الحوض بحصة ‏مصر المكتسبة من مياه‏ النيل، وأن لمصر الحق في الاعتراض في حال إنشاء هذه الدول ‏مشروعات جديدة على النهر وروافده. هذه الاتفاقية أجرتها بريطانيا مع نفسها حيث ‏كانت تمثل‎ ‎كينيا‎ ‎وتنزانيا‎ ‎والسودان‎ ‎وأوغندا وجميعها كانت مستعمرات بريطانية ‏لتنظيم استفادة مصر من بحيرة فيكتوريا. حيث تم تخصيص نسبة 7.7٪ من تدفق ‏المياه للسودان و92.3٪ لمصر وذلك قبل استقلال أي من الدولتين‎.‎‏ ‏

تعتبر اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل والتي بدأت في منتصف ستينيات ‏القرن الماضي هي نقطة الخلاف التي أثارت المشكلة وقد كانت هذه الإتفاقية رد فعل ‏للإرتفاع المفاجئ والكبير لمنسوب المياه في بحيرة فكتوريا أدى إلى مشكلات كبيرة في كل ‏من تنزانيا ويوغندا وكينيا. ويعتقد أن من أسباب هذا الارتفاع تراكم نباتات المستنقعات ‏في منطقة جنوب السودان والتي تقف عقبة تمنع الانسياب الطبيعي للنيل، بالإضافة ‏إلى ظهور السد العالي في مصر والذي حجز مياه النيل فأدى إلى ارتفاع منسوب مياه ‏بحيرة فكتوريا.‏

ولهذه الأسباب فقد دعت دول البحيرات الإستوائية كلاً من السودان ومصر وأثيوبيا ‏لمناقشة هذه المسألة تحت مظلة برنامج المسح المائي للبحيرات الإستوائية والذي ‏ساهمت الأمم المتحدة في تمويله وتسهيل إجراءاته. ‏

تواصلت لقاءت وإجتماعات دول الحوض تحت عدة مظلات لاحقة من بينها النيل ‏الفني، والأخوّة، والنيل لعام 2000. وفي عام 1997 برزت فكرة مبادرة حوض النيل ‏والتي أخذت شكلها الرسمي في 22 فبراير 1999 في مدينة أروشا في تنزانيا إثر توقيع ‏وزراء المياه لدول الحوض بالأحرف الأولى على وقائع الإجتماع الذي أسس لقيام مبادرة ‏حوض النيل. وقد اتفق الوزراء على أن الهدف من المبادرة هو تحقيق التنمية ‏الإقتصادية والإجتماعية المستدامة من خلال الإنتفاع المنصف والمنافع من موارد النيل ‏المشتركة.‏

وقام البنك الدولي وعددٌ من منظمات الأمم المتحدة والمانحون بدورٍ تسهيليٍ للمبادرة ‏والتي نجحت في عدّة مجالات من بينها إنشاء سكرتارية بمدينة عنتيبي في يوغندا ومكتب ‏للنيل الشرقي بأديس أبابا ومكتب لنيل البحيرات الإستوائية بمدينة كيغالي بدولة رواندا ‏وتمويل عددٍ من المشاريع المشتركة. وبدأ العمل قبل عدّة أعوام في إتفاقية الإطار ‏التعاوني لحوض النيل‎.‎

منذ بداية المناقشات واجهت مفاوضات اتفاقية الإطار التعاوني نفس نقاط الخلاف ‏التي تواجهها اليوم:‏

‏1.‏ فالسودان ومصر كانا يصران على أن الإتفاقيات التي عقدت في الماضى ملزمةٌ ‏لدول الحوض الأخرى، و تحديداً اتفاقية 1929 التي أبرمتها بريطانيا نيابةً عن ‏السودان وكينيا ويوغندا وتنجانيقا والتي كانت ضمن مستعمراتها في ذلك الحين مع ‏مصر. هذه الإتفاقية أعطت مصر حق النقض لأي مشاريع تقام علي النيل يمكن ‏أن تؤثر سلباً على كميات المياه التي تصل مصر أوتعدل وقت وصولها. وبينما تصر ‏مصر على إلزامية هذه الإتفاقية تحت نظرية توارث الإتفاقيات، ترفضها دول ‏البحيرات الإستوائية باعتبار أنها وُقّعت أثناء الحقبة الإستعمارية ولا إلزامية لهذه ‏الإتفاقية بعد نهاية هذه الحقبة. ولقد قامت هذه الدول بعد استقلالها مباشرةً تحت ‏نظرية جوليوس نايريرى -الرئيس الأول لتنزانيا- بإعطاء إتفاقيات الحقبة ‏الإستعمارية عامين للتفاوض حولها وإذا لم يتم الإتفاق على وضعٍ جديد فإن هذه ‏الإتفاقيات تسقط بعد هذين العامين.‏

‏2.‏ و هناك أيضاً إتفاقية عام 1902 بين إدارة الحكم الثنائي في السودان وأثيوبيا والتي ‏ألزمت أثيوبيا بعدم التعرض لسريان النيل بدون موافقة الإدارة الثنائية في ‏السودان. مصر أصرت علي إلزامية هذه الإتفاقية بينما تقول أثيوبيا أن النص ‏الإنجليزي والنص باللغة الأمهرية مختلفان وأن الإتفاقية لم يتم التصديق عليها ‏وبالتالي فليس لها صفة إلزامية‎.‎‏ بالإضافة الى هذا يصر السودان ومصر على أن ‏استعمالاتهما وحقوقهما القائمة والمشار إليها في إتفاقية مياه النيل لعام 1959 ‏‏(55,5 مليار متر مكعب لمصر و18,5 مليار متر مكعب للسودان) غير قابلة ‏للتفاوض وخطّاً أحمر لا يمكن عبوره، بينما تصر الدول الأخرى على أنّ لها حقوقاً ‏في مياه النيل تحت نظرية الإنتفاع المنصف والمعقول وأنه يجب على مصر ‏والسودان الإعتراف بهذه الحقوق والتفاوض حولها. تجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض ‏المسئولين في السودان ومصر يذكرون أحياناً، صراحةً أو ضمناً، أن إتفاقية مياه ‏النيل بين مصر والسودان لعام 1959 ملزمةٌ لدول النيل الأخرى، (وهذا إدعاءٌ غير ‏صحيح قانوناً لأن الزامية الإتفاقيات لا تتعدى أطرافها)‏‎.‎

‏3.‏ الخلاف الثالث يتركز حول إصرار السودان ومصر على ضرورة الإخطار المسبق ‏لهما حول أي مشاريع تنوي دول حوض النيل الأخرى إقامتها على نهر النيل. ويبدو ‏هنا الربط واضحا بين هذا الطلب وإتفاقية 1929 التي تعطي مصر حق النقض ‏حول أي مشاريع قد تؤثر عليها. من ناحيةٍ أخرى ترفض الدول الأخرى مبدأ الإخطار ‏وتدعي أن السودان ومصر لم يقوما بإخطار أيٍ منها بأي مشاريع أقامتها هاتان ‏الدولتان على النيل وعليه فلا ترى هذه الدول أي إلزامٍ من جانبها لإخطارهما ‏بمشاريعها. الجدير بالذكر أن القانون الدولي يلزم كل دول الحوض بإخطار بعضها ‏البعض بأي مشاريع تقام على النهر المشترك لأن التأثيرات التي قد تنتج من هذه ‏المشاريع قد تمتد لكل الدول المشاطئة الأخرى. فمشاريع أثيوبيا على النيل قد تؤثر ‏سلباً على السودان ومصر، وكذلك قد تؤثر مشاريع السودان ومصر على أثيوبيا ‏لأن هذه المشاريع ستساعدهما على إستعمال مزيدٍ من المياه وسيقوم السودان ‏ومصر بالإدعاء لاحقاٍ بأن هذه المياه أصبحت حقوقاً مُكتسبة‎.‎

‏4.‏ نقطة الخلاف الرابعة تخص تعديل إتفاقية الإطار التعاوني. فبينما يرى السودان ‏ومصر أن التعديل يجب أن يتم بموافقة كل الدول أو بالأغلبية على أن تشمل ‏هذه الأغلبية السودان ومصر، تصر الدول الأخرى على أن يتم التعديل بالأغلبية ‏دون تحديد أي دول ضمن هذه الأغلبية‎.‎

يتضح مما قدمنا أن نقاط الخلاف كبيرة وجوهرية، وبذلك يتضح جلياً لماذا انهار ‏إجتماع كنشاسا في مايو عام 2009 ولم تنجح المفاوضات المكثّفة التي تمت خلال ‏الأثني عشر شهرأ اللاحقة ولا إجتماعا الإسكندرية وشرم الشيخ في حل هذه الخلافات ‏أو حتى تضييق الهوة بين الأطراف. ‏

وبعد إنهيار المفاوضات قامت إثيوبيا وتنزانيا ويوغندا ورواندا في أبريل 2010 بالتوقيع ‏على الإتفاقية ولحقت بهم كينيا بعد شهر واحد. ولم تُوقع بوروندي والكونغو على ‏الإتفاقية كما كان متوقعاً في ذلك الوقت. وبما أنّ الإتفاقية تحتاج إلى تصديق ستّ ‏دول فقد ظلت غير قادرة على الدخول لحيز التنفيذ إلى أن قامت دولة بوروندي ‏بالتوقيع. تجدر الإشارة هنا إلى أن أريتريا ليست عضواً في مبادرة حوض النيل وبالتالي لا ‏يتوقع منها أن تُوقع على إتفاقية الإطار التعاوني‎.‎

وقفت دولة بوروندي مع دول المنبع الأخرى في إتفاقية الإطار التعاوني ووقّعت على بيان ‏كنشاسا معها وتعهدت بالتوقيع على الإتفاقية. ولكن بوروندي تراجعت عن موقفها ‏المؤيد للإتفاقية ولم تُوقع عليها عندما وقعّت دول المنبع الأخرى، كما أنها لم توضّح ‏موقفها من الإتفاقية. ثم فجأة قررت بوروندي التوقيع على الإتفاقية بعد أكثر من ‏عشرة أشهر من توقيع الدول الأخرى وذلك في الثامن والعشرين من فبراير 2011 ‏والسبب هو أنّ بوروندي قد أحست أن دولة جنوب السودان ستنضم إلى الإتفاقية ‏حال إعلان ميلادها في يوليو وبالتالي سيرتفع عدد الدول الموقّعة على الإتفاقية إلى ‏ستّ، ولن تحتاج هذه الدول إلى بوروندي بعد ذلك، عليه سارعت الأخيرة بالتوقيع ‏لترسم لنفسها دوراً قبل أن تحرمها دولة جنوب السودان منه.‏

السبب الآخر وكان واضحاً إن إنضمام بوروندي إلى الإتفاقية سيؤدي إلى إنضمام دولة ‏الكونغو الديمقراطية أيضاً لأن الكونغو لن تريد أن تبقى بمفردها خارج حلقة ‏الإتفاقية. ‏

اتفاقية عنتيبي
بعد ذلك بلغ الاستقطاب في الموقفين الإثيوبي والمصري ذروته، مع توقيع اتفاق عنتيبي ‏في 14 مايو2010، وتوالي انضمام دول الحوض إليه وكان واضحاً أن هذا الأمر ‏سيضرب الأمن القومي للسودان ومصر في الصميم، حيث إن الاتفاق الجديد يأخذ ‏قضايا المياه إلي مسار بعيد عن مبادرة حوض النيل، الموقعة عام 1999. كما أنه يعني ‏ضمنيا عدم الاعتراف بالحقوق التاريخية والمكتسبة لدولتي المصب السودان ومصر ‏بموجب اتفاقيتي 1929، و1995‏‎.‎

مصر أعلنت موقفها الرسمي بأن مصر لن توقع على الاتفاقية الإطارية ما لم تنصّ ‏صراحة على ضمان حصتها من مياه النيل، إلا إذا أصبحت شروطها ملائمة، معتبراً أن ‏الاتفاقية دون توقيع القاهرة والخرطوم لا جدوى لها‎.‎‏ ‏
لو وقع السودان على اتفاقية عنتيبي فإنها تدخل حيز التنفيذ فوراً نظراً لاكتمال عدد ‏الدول الموقعة وهو الثلثان من جملة الأعضاء الأحد عشر وبذلك ينهي الحصص ‏التاريخية للدولتين “55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان”، ‏بعدما نص الاتفاق الذي وقع في مدينة عنتيبي الأوغندية على أن مرتكزات التعاون بين ‏دول مبادرة حوض النيل تعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول، بأن تنتفع ‏دول مبادرة حوض النيل انتفاعاً منصفاً ومعقولاً من موارد مياه المنظومة المائية لنهر ‏النيل، على وجه الخصوص الموارد المائية التي يمكن تطويرها بواسطة دول مبادرة ‏حوض النيل وفق رؤية لانتفاع معقول.‏
ومن ناحية أخرى، ‬حملت أزمة الخلاف حول نصوص الاتفاقية الإطارية وكيفية ‏والطريقة التي تعاملت بها مجموعة الدول التي وقعت اتفاقية عنتيبي، ‬مؤشرات ‏وإشارات أخري كثيرة إلى أن مكانة مصر وثقلها الإقليمي في حالة تراجع كبير.‬ وقد ساد ‏الإحساس لدي قطاع كبير من المهتمين والمتابعين بأن الأزمة ليست مقتصرة على ‏مطالبات من دول المنابع بشأن احتياجاتها التنموية، وأن الأوضاع الحالية للأزمة تبين ‏أن أبعاد الخلاف تتخطي الجوانب الفنية أو المطالب التنموية إلى أبعاد أخري، ‬تتصل ‏بقضايا السياسة، ‬والتاريخ، ‬والسياسات والطموحات المرتبطة بتفاعلات وأوضاع ‏إقليمية، ‬وأخرى دولية.‏

الأزمة الحالية بين السودان ومصر والتي بلغ التوتر فيها حدته جراء إصرار مصر على ‏الاحتفاظ بمثلث حلايب المحتل منذ عام 1990 جعلت السودان يلوح باستعمال ‏خياراته المائية بالتوقيع على اتفاقية عنتيبي من جانبه والذي سيكون قاصمة الظهر ‏لأطماع مصر في الاحتفاظ بحصتها من مياه النيل. خاصة وأن الاتفاقية لم تدخل حيز ‏التنفيذ حتى الآن نظراً لميلاد دولة جديدة من دول الحوض هي جنوب السودان وبذلك ‏احتاجت الاتفاقية لتوقيع عضو واحد فقط إضافي ليبلغ النصاب الثلثين. خاصة وأن ‏هذا المتغير الجديد المتمثل في انفصال جنوب السودان وتحوله إلى دولة مستقلة، يعني ‏المزيد من التعقيدات التي سوف تواجه مشروعات استقطاب الفواقد التي كانت مصر ‏تعول عليها في الحصول على كميات إضافية من المياه، ‬تعينها على سد الفجوة المتزايدة ‏في احتياجاتها. ‏
مصر كانت تعتمد على موقف السودان في عدم التوقيع على الاتفاقية مما يشكل بذلك ‏المزيد من الضغط السياسي والدبلوماسي على دول الحوض الموقعة على الاتفاقية إلا ‏أن انضمام السودان للتوقيع سيحرق آخر كروت مصر في أي عمل لوقف تنفيذ ‏الاتفاقية وستصبح مصر وحيدة في مواجهة جميع دول حوض النيل فتصبح بذلك هي ‏الجانب الأضعف علماً بأن مصر ظلّت تستخدم أكثر من 60 مليار متر مكعب من مياه ‏النيل سنوياً منذ توقيع اتفاقية عام 1959 عندما كان عدد سكانها حوالي 22 مليون ‏نسمة. أما الآن وقد تجاوز عدد سكانها 90 مليون نسمة فمن المؤكّد أن مصر في حاجةٍ ‏إلى مياه إضافية لن تتأتّى إلّا بالتعاون مع دول النيل الأخرى. وأنه لا بد من التذكير أن ‏مصر تستورد أكثر من 60% من احتياجاتها من القمح، وهذا يجعلها أكبر مستوردٍ ‏‏(ومستهلكٍ) للقمح في العالم رغم استعمالها لقدرٍ مهولٍ من مياه النيل. وهذا بالتأكيد ‏سببٌ آخر يجعل مصر في موقف لا تحسد عليه في مواجهة اتفاقية عنتبي ولن تتمكن ‏من الاحتفاظ بنصيبها من المياه إلا من خلال التعاون مع دول حوض النيل الأخرى على ‏سبلٍ لزيادة مياه نهر النيل وزيادة نصيب مصر منها لمقابلة احتياجاتها المتزايدة من ‏القمح والمواد الغذائية الأخرى.‏

وعند حساب الأرباح والخسائر وحساب المصالح والمضار الناجمة عن توقيع السودان ‏على اتفاقية عنتيبي نجد أن السودان لن يخسر شيئاً بالتوقيع على الاتفاقية ‏والانضمام إليها فالسودان لم يستهلك نصيبه القانوني من المياه في أي عام من الأعوام ‏على امتداد تاريخ الاتفاقيات علماً بأنه حتى لو لم يتم تحديد أي نصيب للسودان من ‏المياه فسوف لن تتمكن دول المنبع من حجز كل مياه النيل خلف سدودها فهي ليست ‏محتاجة لذلك بل إن احتجاز كل الماء هو من المهددات البيئية لتلك الدول فالسودان ‏سينال نصيبه من المياه في جميع الأحول والمتضرر الأول من الاتفاقية هي مصر. ‏

د. عمر فضل الله

Exit mobile version