ماذا تفعل الجرَّافات المصرية في البحر الأحمر؟!

كتبنا حتى سئمنا وبُحَّ صوتنا أو كاد أن الجرافات المصرية التي تعاقدت معها ولاية البحر الأحمر تشكّل خطراً على الحياة البحرية من شعب مرجانية وغيرها ولكن لا حياة لمن تنادي.

الآن وقد انكشف المخبوء من تآمر كبير على السودان بلغ درجة السعي لتعطيل قرار رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، وكذلك دعم عقوبات مجلس الأمن حول دارفور وتواصل الاستفزازات المصرية حول حلايب المحتلة والحملة الإعلامية الفاجرة ضد السودان وحضارته، فإن على الأجهزة الأمنية أن تأخذ أمر تلك الجرافات مأخذ الجد وتوليه اهتماماً أكبر سيما بعد أن نشرت الصحف صوراً مخيفة لما تفعله تلك الجرّافات بالحياة البحرية في مياهنا الإقليمية فكفانا (دروشة) وتهاوناً ذقنا من زقومه المُر الكثير .

اتضح الآن أن مشروع إغراق مدينة حلفا والقرى المجاورة من أجل إنشاء السد العالي كان يحمل في طياته كثيراً من الأهداف الخفية الأخرى التي انكشف عنها الغطاء اليوم بعد أن انزاحت غشاوة الغفلة، وبعد أن (كبرت العيال)، فقد اتضح أن جيران السوء كانوا، بإغراق حلفا، يستهدفون كذلك إغراق تراث عظيم وآثار ذات قيمة تاريخية لا تُقدّر بثمن كانت ستضيف إلى الاكتشافات العظيمة التي أعلن عنها عالم الآثار الفرنسي شارلي بونيه والذي قال إنها تؤكد سبْق الحضارة السودانية ليس على مستوى وادي النيل إنما على مستوى العالم أجمع.

لقد كشفت زيارة الشيخة موزا بنت ناصر للمناطق السياحية السودانية مقدار الحقد الذي يضمره أولئك الأنانيون الذين تحرّكهم الأنفس الشح والضمائر الخربة التي ظلوا يستهدفون بها السودان تاريخاً وحضارة وموارد منذ قرون.

ما زاد من أوجاعهم اعتزام الشيخة موزا إنتاج فيلم عن الحضارة السودانية يؤكد على عظمة حضارة السودان وإنسانه بعنوان مثير سيفقع مرارة الحاقدين في شمال الوادي.. يحمل عنوان الفيلم (من هنا يبدأ التاريخ)، ويا له من عنوان سيثير ثائرة سفهاء الإعلام المصري، ولعلّ من أكبر عوامل نجاح الفيلم تلك الفرقعة الإعلامية التي سيُحدثها في العالم أجمع باختيار إحدى أشهر نجمات السينما العالمية لبطولته.

لقد ظلّت الحكومات المصرية المتعاقبة تتعامل مع السودان كملف أمني يؤذيهم أن يتطور أو ينهض بل ويصدرون عن عقيدة راسخة تقوم على مفهوم أن أي تقدّم أو تطوّر للسودان يخصم من مصر وأن استغلال السودان لموارده المائية من خلال إنشاء مشروعات زراعية يقلل من المياه المتدفقة مجاناً نحو مصر بالرغم من أن حصة السودان وفقاً لاتفاقية مياه النيل لا تزيد عن 18.5 مليار متر مكعب وهي التي تساوي ثلث حصة مصر ورغم ذلك يستكثرون علينا استغلال حصتنا ويستخدمون كل أساليب (البلطجة والاستهبال) التي يجيدونها لتعويق تطوُّرنا وتعطيل تنميتنا ونهضتنا، وهل من تعويق لمسيرتنا أكبر من سعيهم ورئيسهم الحالي إلى استدامة العقوبات الأمريكية التي ألحقت بنا أذىً عظيماً على مدى أكثر من عقديْن من الزمان؟

لذلك، فإني أكاد أجزم بأن الجرافات المصرية لم تأت إلى السودان لأغراض الصيد فحسب، ذلك أن هؤلاء الأشرار ذوو (بطون غريقة) ملأى بالتآمر والكيد سيما وأنهم لم يتعاملوا مع السودان منذ عهد الفراعنة إلا من منظور أمني يُضمر الشر والكيد للسودان.

إنني لأدعو مجدّداً إلى إلغاء عقد الجرافات المصرية التي أكد كثيرون – منهم القيادي عثمان تبود – أنها (ألحقت دمارًا واسعاً بالثروة الموجودة في المنطقة بما في ذلك الشُّعَب المرجانية والكافيار).

لقد ظلت بورتسودان قبلة للسياح الأوربيين خاصة القادمين من إيطاليا والذين تستهويهم الشّعب المرجانية الفريدة في البحر الأحمر، ولا أشك في أن ذات الدوافع التي حملت الرافضين في مصر لأية منافسة لهم في مورد السياحة في منطقة كرمة ومروي وغيرهما ستتكرّر في البحر الأحمر من خلال تلك الجرافات التي كثُر الحديث عن تجاوزاتها للعقود المبرمة معها، فكم بربكم نُهب من الآثار خلال فترات الحكم التركي المصري أو الإنجليزي المصري ؟

أقول لأشرار مصر إننا لا نزال نطلب أن ينتهي عهد التآمر والكيد وأن تقوم علاقتنا على مبدأ الندية والاحترام المتبادل وعليهم أن يعلموا أن المكر السيِّئ لا يحيق إلا بأهله.

الطيب مصطفى
الصيحة

Exit mobile version