وزير مع وقف التنفيذ

* الحوار الذي أجرته صحيفة التيار أمس الأول مع وزير العدل (مع وقف التنفيذ) ابوبكر حمد، لم يجب علي الكثير من الأسئلة التي طافت في أذهان الشارع السوداني التأجيل المفاجئ لآداءه القسم بالقصر الجمهوري مع بقية الوزراء.
* الإجابات بالنسبة لي شخصياً لم تكن شافية ولا كافية حتى وإن لم أتفق مع ما تم تداوله عن تزوير شهادات الماجستير والدكتوراة مثار الجدل، والتي ننتظر أن ترى النور قريباً حسماً لأي اتهام أو (شيل حال).

* الواقعة تعتبر سابقة قبيحة بالتأكيد، وتؤكد أن ما يتم في مطبخ الرئاسة لا علاقة له بالسياسة التي نعرف، ولا بالمسؤولية الوطنية والمصلحة العامة، بل عبارة عن سياسة ترضيات سياسية ومحاصصات وموازنات إثنية وقبلية وولاء سياسي أعمى، بل ومن المتوقع جداً أن نرى طلبات التقدم لشغل منصب وزير تدخل أدراج مؤسسة الرئاسة بناء على أسس فطيرة، وليس بعيداً أن نرى صفوف وطوابير طلاب الخدمة الوطنية أمام بوابات القصر طلباً للتعيين في مناصب وزراء ودستوريين بدلاً عن وظائف معلمين وموظفين بالدرجات الدنيا.
* التزوير ليس جديداً على هذه الحكومة، فمكتب الوالي الأسبق شهد أكبر عمليات تزوير واحتيال في أراضي الخرطوم، والبرلمان نفسه شهد أكبر عملية إنتحال وتزوير في بطاقات موظفين تحت مسمى رؤساء لجان بغرض الاستفادة من الامتيازات التي توفرها البطاقة من اعفاءات جمركية وسيارات وخلافه، هذه وغيرها من الحالات البالغة السوء لم تجد من يتصدى لها، أو يتعقب متجاوزيها فمرت مرور الكرام وكأنها لم تكن.

* وكذا الحال بالنسبة لحالة الوزير الذي كشف بجلاء خواء عقليات متخذي القرار ببلادي، وعدم كفاءتهم وأهليتهم لتبوء هذه المناصب القيادية التي تحتم أن يكونوا على درجة عالية من الوعي والتركيز والتمحيص والدقة في كل القرارات التي يتحذونها درءاً للشبهات ومنعاً لمثل هذه الحالات المخجلة.
* الخلل واضح جداً منذ بداية ما يسمى بالحوار الوطني وما تبعه من مسرحيات (إنتقاء) التنفيذيين والتشريعيين، والكيفية التي تم اختيارهم بها، والخلل الأكبر يكمن في عدم وجود الأحزاب الحقيقية والمؤثرة من أحزاب نداء السودان وقوى الاجماع الوطني والحركات المسلحة صاحبة الثقل والوزن السياسي والعسكري، ما يكشف عن المزيد من الخلافات والحروب في انتظار الحكومة الحالية حتى وإن تدثرت الحكومة بثوب أمريكا والخليج.
* حالة وزير العدل تستحق الدراسة، لأنها إن كانت حقيقية وثبت عدم كفاءته أو تزويره في شهاداته، فهذا يعني بؤس ما ينتظر هذا الشعب الذي أصبح فأر تجار لنظام الإنقاذ.

* وإن ثبت العكس وإن شهاداته صحيحة، فالوضع الطبيعي يتطلب أن يتقدم الوزير بإستقالته فوراً من الوزارة، ورفع قضية رد شرف ضد حكومة السودان، لأشانتها سمعته وأن يطلب ما يشاء كتعويض معنوي ومادي على ما أصابه من ضرر بالغ تداولته وكالات الأنباء الدولية والقنوات العالمية والأسافير، ولن يلومه في ذلك أحد، وأي قرار خلاف ذلك يمنح الحق لأي شخص في أن يضيف ويحذف ما يشاء على هذه السابقة الخطيرة.
* الفضيحة لو حدثت في أي دولة أخرى خلاف السودان، كنا سنرى إقالة جماعية للحكومة بلا استثناء من قبل رئيس الجمهورية، لأن الواقعة اهتزت لها الأبدان وكشفت عورة العقليات التي تدير شؤوننا، ومرغت بسمعتنا في المزيد من الوحل.
* سيدي الرئيس ننتظر قرار رئاسي يعيد الهيبة لمؤسسة الرئاسة.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة

Exit mobile version