الصوفية.. الدخول إلى محراب السياسة

في خطوة مفاجئة خرجت الطرق الصوفية، وأعلنت عن عزمها تكوين حزب سياسي. القيادات الصوفية لم تخف رغبتها ونيتها المشاركة السياسية، وإبداء الرأي في عملية الحوار التي تشهدها البلاد، والذي تمخضت عنها حكومة الوفاق . الخطوة على الرغم من تأخرها كثيراً مقارنة مع تاريخ الصوفية الضارب بجذوره في القدم. يتساءل عدد من المحللين والمهتمين بدراسة الأحزاب السياسية بالبلاد، عن سر زهد الصوفية في العمل السياسي، إن كانت جماعات دينية أخرى كالأخوان المسلين وجماعة أنصار السنة والحركة الإسلامية قد خرجت للعمل العام في تشكيلات حزبية سياسية. الإجابة لم تكن صعبة عند رجال الطرق الصوفية، عندما أكدوا عدم تحمسهم ورغبتهم في أي عمل يربطهم ارتباطاً مباشراً بكيان سياسي، معللين بعدهم عن تكوين حزب لزهدهم في المناصب السياسية، وأن السير في مثل هكذا خط يعد بمثابة تناقض لمنهجهم.

تجاوزهم الحوار
الحديث عن رغبة الصوفية في تكوين حزب سياسي هذه المرة لم يكن قابلاً للنفي والنقاش، خاصة وأنه جاء على لسان الأمين العام لرابطة علماء التصوف بالبلاد الشيخ محمد المنتصر الإزيرق، الذي كشف عن ميلاد حزب للصوفية في الأيام القليلة المتبقية، تماشياً ونزولاً لرغبة عدد كبير من الشباب المتصوف.
وقال الإزيرق لـ( آخر لحظة) بدأ الشروع في الخطوة من خلال تكوين لجنة من (500) شخصية من أطباء ومهندسين وسياسين وإعلاميين من دول أمريكا اللاتينية وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية، بغرض إنشاء حزب سياسي داخل السودان، يقوم على نبذ العنف ويرفض حمل السلاح تعبيراً عن الإسلام الوسطي الذي عرفت به الصوفية.
وعزا الإزيرق إتجاهم لتكوين الحزب لتجاوز الحوار الوطني للطرق الصوفية، فضلاً عن المشاركة والمساهمة في عملية التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد، وقال إنهم يديرون إجتماعاتهم عبر الوسائط الإعلامية المختلفة .
تهميش الحكومة
الخطوة سبقها بيان قبل أيام من الشيخ عبد الرحيم محمد صالح خليفة أم مرحي، الذي شكا فيه من تهميش الحكومة للصوفية، وتجاهل مطلبها الخاص بإلغاء المادة (22) من قانون النظام العام المتعلق بالدجل والشعوذة، ووصفها بالمعيبة، موضحاً أنه بموجب هذه المادة تم القبض على الشيخ الريح ود الشيخ الصائم ديمة، بعد أن تم القبض عليه ووجدوا بحوزته محاية وبخرات، وتمت مصادرة أمواله .
تناقض المنهج
المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية د. راشد التجاني سليمان يرى أن تكوين الصوفية كحزب سياسي، في مظهرة يعد شيئاً عادياً، إلا أن جوهره يتنافى ويتناقض مع منهج الصوفية القائم على الزهد وعدم الانشغال بالدنيا، وعزوفهم عن السياسة وعدم رغبتهم في السلطة، وظهر ذلك في قصائدهم التي ينشدوها، والتي تمجد الزهد وتدعو للابتعاد عن السلطة، التجاني في حديثه لـ(آخر لحظة) يرى أن فرص ظهور الحزب الوليد في الساحة متوفرة، لما يمتلكونه من قواعد، وقدرة شيوخهم على تحريك قواعدهم، التجاني قال حال كتب له التكوين فإنه قطعاً سيكون شبيهاً باحزاب الأمة الذي يعتمد على طائفة الإنصار كداعم له، وكذا الحال بالنسبة للاتحادي الذي يستند على طائفة الختمية، بجانب القدرة المالية الكبيرة والمهولة التي يمتلكونها مقارنة مع أحزاب أخرى موجودة..
لكن تظل الصعوبة بحسب التجاني في تنظيم الكم الهائل من الطرق الصوفية الموجودة في الساحة في كيان واحد، خاصة وأن بينها كثير من الاختلاف والفوارق.
وعزا إقدام الصوفية على الخطوة لاحساسهم بخطورة الابتعاد عن الساحة السياسية، وتخوفهم من أن ينسف الابتعاد وجودهم، لكنه تخوف من ان يواجه التنظيم الجديد بانقسامات بمجرد ظهورة على السطح، خاصة أن تلك الخلافات موجودة في الأساس بين الجماعات الصوفية، ولكنها لا تزال كامنة طالما لا يوجد ما يدعو لظهورها، وتوقع راشد تراجع الصوفية من الذهاب بعيداً في الخطوة حال جلست معهم الحكومة وضمنت لهم عدم التضييق عليهم، بجانب تأكيدها عدم الانحياز للجماعات السلفية كما يعتقد عدد من السلفية ذلك.

اخر لحظة

Exit mobile version