كاتب مصري: النظام السوداني نفذ برنامج للسدود دون موافقة مصر من خلال شراكة دولية مع الصين والكويت

الأخوة بين مصر والسودان مجرد يافطة، واسم على غير مسمى، وقصة تشهد كل حين وآخر فصلاً محزناً من فصولها، وكان أول فصل للابتزاز السياسى صدور الأمر بطرد الجيش المصرى والموظفين المصريين من السودان فى عام 1924 مع الإبقاء على الإعانة المالية التى تقدمها مصر لحكومة السودان، وتبلغ مليوناً و300 ألف جنيه، مقابل استمرار تدفق مياه النيل وذلك فى إطار مشروع «أمن مصر ودوام مورد المياه لها»، وتلا هذا القرار حذف اسم الملك فؤاد من الخطب المنبرية ثم تأليف قوة مستقلة للدفاع لا تدين ولا تخضع إلا للحاكم العام الإنجليزى والاعتراف للإنجليز بشرعية اتفاقية سنة 1899، وبأن لهم حق تسوية مسألة المياه.

وفى حفل تسليم الميداليات لرجال بوليس الخرطوم وقف أحد ضباط البوليس السودانى يشكر الحاكم العام الإنجليزى قائلاً: قدومك منحة من الله سبحانه وتعالى ويجب أن نقدم الشكر الجزيل عنها للخالق ونعبر لسعادتكم بصفتك نائباً عن جلالة الملك چورچ الخامس ملك انجلترا عن إخلاصنا وشكرنا، ثم هتف رجال البوليس قائلين: «يعيش جلالة الملك چورچ الخامس – ثلاثاً – يعيش حاكم عام السودان – ثلاثاً – وبعد ذلك صدر قرار إبطال العمل بالعملة المصرية فى السودان اعتباراً من 31 أغسطس عام 1927، وكأن السودان لا يريد أن يكون لمصر ذكر فى أنحائه وقطع كل الأواصر والعلاقات ما عدا أموال مصر، وكان من الطبيعى بعد كل ذلك الاستقواء بالإنجليز فى مواجهة مصر أن ينفصل فى عهد «عبدالناصر».

وفى عهد الرئيس السادات وجعفر النميرى، تم توقيع اتفاقية التكافل وتقضى باستصلاح الأراضى الزراعية وتوطين المزارعين المصريين فى السودان، ولم تر الاتفاقية النور لرفض السودانيين أى شكل من أشكال الوجود المصرى، ولم تكن العلاقة بين البلدين أحسن من سابقتها فى عهد مبارك والصادق المهدى، ومنذ استيلاء الإخوان على السلطة فى السودان برئاسة عمر البشير عام1989 وهم لا يضمرون خيرا لمصر، وتحول السودان إلى مأوى لتدريب الإرهابيين، واحتضن الإرهابى العالمى كارلوس وسلمه لفرنسا بموجب صفقة فى عام 1994.وكان أيضاً وراء محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا، وافتعل النظام السودانى الأزمات مع مصر حول منطقتى حلايب وشلاتين وماطل فى تفعيل 25 اتفاقية مبرمة مع مصر فى مجالات الكهرباء والنقل والطرق، ورفض تفعيل الاتفاقية الخاصة بوضع 55 سلعة ضمن اتفاق الكوميسا، وفى عام 2003 انتهت مصر من تنفيذ التزاماتها بشأن إنشاء ورصف 100 كيلو متر من الطريق الساحلى السويس – بورسودان، بينما اكتفى السودان برصف 40 كيلو متراً فقط، وطالب مصر باستكماله والغاوى ينقط بطاقيته، وقام النظام السودانى بتنفيذ برنامج للسدود دون موافقة مصر من خلال شراكة دولية مع الصين والكويت تحت إشراف «البشير» شخصياً بهدف توفير حصص مياه إضافية لشمال السودان الذى توجد به ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة باع منها مليونى فدان لكوريا الجنوبية والكويت، كما قامت السعودية بشراء مساحات من الأراضى لزراعة قصب السكر.

وأيد السودان السدود الإثيوبية لأنها مفيدة له حيث تقلل كميات المواد الرسوبية التى تصل للسدود السودانية وتقلل من أعمارها ثم تحولت أراضيه إلى منصات للإرهاب بتمويل قطرى وتركى ما يهدد الأمن القومى المصرى، وظلت مصر تتعامل بشرف ونزاهة مع النظام السودانى ووقفت إلى جانبه حين صدر أمر المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على «البشير» الذى يقف عاجزاً أمام مخطط تقسيم دارفور إلى ثلاث دويلات، كما عجز من قبل أمام فصل الجنوب السودانى.

لقد كان الرئيس السيسى واضحاً وحاسماً وصريحاً إزاء التهديدات القادمة من الجنوب والغرب والشرق ولن تسكن مصر لأن للصبر حدوداً «وليعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون».

جمال يونس
الوفد

Exit mobile version