عزلة قطر .. مأزق السودان !

ما حدث كان متوقعاً وليس مفاجئاً، السعودية ومصر والإمارت والبحرين تقطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر وتمهل البعثات الدبلوماسية القطرية والرعايا القطريين مهلة أسبوعين لمغادرة هذه البلاد، البحرين كانت أكثر استعجالاً في أمر إبعاد البعثية القطرية فأمهلتها (48) ساعة، السعودية أعلنت إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، وهي إجراءات تتخذ عادة في حالات الحرب، بعد دقائق من القرار السعودي أعلنت مصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، الإمارات قررت منع دخول وعبور المواطنين القطريين الى الدولة ومنع المواطنيين الإماراتيين من السفر الى دولة قطر أو المرور عبرها بالإضافة الى أن السعودية قررت إنهاء مشاركة قطر في قوات التحالف العربي في اليمن، وتوالت القرارات ليبيا، اليمن، تقطع علاقاتها مع قطر، استقالة إعلاميين من السعودية ومصر من القنوات القطرية، ارتباك في حركة الطيران والحجوزات، تراجع البورصة القطرية، وهذه ربما البداية ولا زالت القرارات تتوالى حتى أثناء كتابة هذا المقال، القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات القطرية وهذه الدول، كانت إعلان وكالة الأنباء القطرية عن تصريحات لأمير قطر قال فيها (إيران تمثل ثقلاً اقليمياً وإسلامياً لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، مؤكداً إنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة)، وجاء ذلك في أعقاب القمة الأمريكية الإسلامية في الرياض والتي دعت بوضوح وبدعم أمريكي الى محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة، واعتبار حزب الله منظمة إرهابية، وزاد الأمر تعقيداً أن الرئيس الأمريكي ترمب صرح في أثناء زيارته لإسرائيل أنه يعتبر حركة حماس منظمة إرهابية، وكانت قطر قد التزمت سابقاً في إطار اتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي على الامتناع عن منح الجنسية القطرية لرعايا هذه الدول، وإبعاد قيادات الإخوان المسلمين من قطر، إضافة الى ايقاف الحملات الإعلامية المنسقة التي تشنها قناة الجزيرة على دول الخليج ومصر.

السودان في موقف لا يحسد عليه.. فهو مشارك في القمة العربيىة الإسلامية الأمريكية، وعليه الالتزام بقرارات القمة في برنامج محاربة الإرهاب كما يشارك في حرب اليمن.. الحكومة تعمل محاولة بدعم سعودي إماراتي الخروج من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب وسعياً لرفع الحظر الاقتصادي، الخرطوم تتلقى دعم مستمر من دولة قطر في ظل علاقات تاريخية منذ مجئ الإنقاذ.. الخرطوم تعول على الرياض في استكمال رفع الحظر وتتطلع الى مساعدات اقتصادية البلاد في أمس الحاجة لها.

مع هذا فإن اختيار السودان أين يقف سيحدد ربما مسار جديد للتحالفات، ذلك ناتج من تعقيدات الدور السوداني في ليبيا، وتداخله مع الأوضاع فى دارفور، وتوتر العلاقات مع مصر، لا سيما أن حفتر ربط بين الدور القطري والسوداني في الشأن الليبي، الموضوع ليس سهلاً فأي تحرك حكومي مرصود وهو كالمشي في حقل الألغام، لا شك أن الحكومة تواجه أزمة لا مثيل لها، فهي إن وقفت مع قطر خسرت مصر والسعودية والإمارات، وإن هي وقفت مع السعودية ستخسر قطر، وهي خسارة باهظة وموسومة بعلاقات أيدولوجية (وقطر ليست حماس)، وإن أعلنت أنها على الحياد أو حاولت التوسط خسرت الطرفين.

القصة معروفة (عمار تقتله الفئة الباغية)، من قتلوه قالوا إن قاتله الحقيقي هو من أخرجه الى حيث يقتل، الحكومة في موقف لا تحسد عليه، وهي تحتاج الى معجزة لكي لا تخسر أياً من الطرفين، أما إن كان الأمر هو بحسابات المصالح، فالحكومة ستنحاز الى السعودية والإمارات ومصر، ومصر هي مربط الفرس.

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة

Exit mobile version