السودان.. تأمين بوابة الخليج ضد التدخلات الفاسدة

– تمتلك الخرطوم القوة الدبلوماسية والمكانة الإقليمية لرأب الصدع في الازمة الخليجية القائمة بين الاشقاء قطر والسعودية والإمارات والبحرين التى وقعت الاسبوع الماضي، بسبب الاختلاف بينهم في وجهات النظر،

حيث تباينت الدول الخليجية في الآراء تجاه بعضها البعض التى وصلت مرحلة القطيعة بينهم باغلاق سفاراتهم وسحب سفرائهم يوم الإثنين الماضي، ويمتلك السودان مع الدول الأربع الخليجية علاقات تؤسس لإصلاح ذات البين، كما ذكر وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور خلال مخاطبته البرلمان القومي، وانه سيواصل العمل من أجل إصلاح ذات البين في الأزمة الناشبة حالياً بين الدول الخليجية، ولعل ذلك يمكن ان يجري دون تقاطعات مع المبادرة الكويتية الموجودة حالياً بل بدعمها في ذات السياق.

ســـــوابــــق تاريخــيـــة

عندما كيلت الصحافة المصرية المملكة العربية السعودية بإساءات فجّة في عهد الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، بعد اشتعال الخلافات بين الرياض والقاهرة آنذاك، حتى وصل الامر إلى مرحلة انقطاع العلاقات بشكل كامل، تدخل السودان بحكم علاقاته الممتازة مع الطرفين، وأُجريت المصالحة التاريخية بين الملك فيصل والرئيس جمال عبد الناصر في قمة الخرطوم الشهيرة التي انعقدت في أغسطس عام 1967م، وانهت ازمة كادت تعصف بالمنطقة، ومراعاةً للظروف الحالية التى تختلف عن فترة السبعينيات من القرن الماضي فإن الأزمة بين الاخوة الاشقاء الخليجيين يجب ان تبقى في محيطها الاقليمي بحل ومبادرة من الخليج نفسه، وهو الدور الذي تجري فيه الكويت حالياً، لأن اية مبادرة بعيدة عن الاطار الخليجي ربما لا تناسب الخليج لأنها أجنبية على البيت الخليجي، ويمكن ان تعيد الخلاف للمربع الاول، لذا يجب ان يتسم الحل الخليجي بما هو في اطار خليجي ولا يخرج عن كونه من دول شقيقة اخرى خوفاً من المصالح والاجندة الخاصة بدول المنطقة التى يمكن ان تؤثر في واقع الازمة.

السودان وسط أشقائه الخليجيين دون استثناء

بعد سقوط صنعاء في ايدي الحكومة الانقلابية ساند السودان الاشقاء الخليجيين في عاصفة الحزم برئاسة المملكة العربية السعودية وقطر والامارات والبحرين، وعاد لدوره الاقليمي، ومنه مناوراته الجوية بشكل خاص مع السعودية التى كانت في الولاية الشمالية خلال العام الجارى، كما كان له دور كبير في المشاركة على مستوى رئيس الجمهورية في معرضي أيدكس ونافدكس العسكري 2017 بدولة الامارات العربية المتحدة، وهي المشاركة للعام الثالث على التوالي، ولعل العلاقات السودانية القطرية ايضا لها نصيب، فقد وقع السودان وقطر منذ مارس من عام 2014 على اتفاق للتعاون العسكري الشامل، وبالتالي فإن موقف السودان من الأزمة الخليجية المتمثلة في قطع عدد من الدول الخليجية والعربية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر واضحاً منذ البداية، من خلال محاولة رأب الصدع وحل الخلافات بمبدأ الحوار، والتأكيد على أن المصالح والمصير المشترك هو الرابط بين الجميع.
فقد أكدت الخرطوم حرصها على دعم الحلول المبنية على الحوار والحكمة لحل الخلافات الراهنة بين دول الخليج العربي، التي تعتبر أساس الاستقرار للأمتين العربية والإسلامية. وبدأ الرئيس عمر البشير مشاورات لرأب صدع العلاقات الخليجية من خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع أمير دولة الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح أكد فيه استعداد السودان لإزالة التوترات الراهنة، وعودة العلاقات إلى طبيعتها بين بعض دول مجلس التعاون وقطر. يضاف إلى ذلك، ما يتمتع به السودان من علاقات جيدة مع دول الخليج تؤهله للعب دور حيوي في هذا المجال. ودعماً لهذه المواقف أعربت الخارجية السودانية في بيان لها عن بالغ قلقها إزاء هذه الخطوة التي وصفتها بـالتطور المؤسف بين دول عربية شقيقة عزيزة على قلوب السودانيين والأمة العربية جمعاء. ودعا البيان إلى تهدئة النفوس والعمل على تجاوز الخلافات بما هو معروف من حكمة وحرص على مصالح دول وشعوب الأمة العربية، مؤكدة ثقتها التامة في رغبة وقدرة القادة الأشقاء العرب على تجاوز هذه الأزمة. ومن جانبه أكد الأمين العام لأحزاب الوحدة الوطنية وزير الدولة بوزارة البيئة عبود جابر سعيد، أن الأزمة الراهنة بين عدد من دول الخليج العربي ودولة قطر الشقيقة سيتم تجاوزها بالحكمة، وشدد سعيد على أهمية وحدة دول التعاون الخليجي، مبيناً أنها تشكل صمام الأمان لما تلعبه من دور حيوي في السلام والأمن الدولي لا يمكن تجاوزه، فهي مجتمعة تشكل منظومة مكتملة أرست مفهوم العمل الجماعي المشترك الذي أصبح قدوة عالمية تُحتذى.

مصر تلعب على تأجيج الخلافات بين الأشقاء الخليجيين

لعبت مصر التى تحتضن الجامعة العربية دوراً مؤسفاً في تأجيج الخلافات بين الاشقاء في دول الخليج، وبدلاً من ان تساعد في رأب الصدع بينهم ذهبت لادوار تصب في مصالح نظام الانقلاب المصري الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدور المصري الذي قامت به القاهرة امس (الخميس) في تأجيج الخلاف عندما طالبت من مجلس الامن الدولي بدء تحقيق في مزاعم دفع قطر فدية تصل إلى مليار دولار لـ (جماعة إرهابية نشطة في العراق) لإطلاق سراح مواطنيها المختطفين، وكانت قطر قد نفت دفع فدية لتأمين الإفراج عن مجموعة مؤلفة من (26) قطرياً، لذا يفهم الطلب المصري الغريب ان القاهرة استغلت مناسبة تقديم مندوب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، تقريره الخامس أمام المجلس في نيويورك، حول التهديدات التي يشكلها تنظيم (داعش) على السلام والأمن الدوليين، وتقريره حول الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لدعم الدول الأعضاء لمكافحة تلك التهديدات، للزج وتشويه صورة قطر من خلال تقديم المعلومات المفبركة، وهو موقف معروف لدى جميع دول الخليج، لأن ما تريده القاهرة من خلال سكب الزيت على النار يأتي متكاملاً مع دورها عندما حاولت الزج باسم (قطر) في حادثة تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة في ديسمبر من العام الماضي، لكن الموقف الخليجي آنذاك فطن للدور المصري الذي يسعى لتأجيج النزاع بين الاشقاء، وقام مجلس التعاون الخليجي باصدار بيان اعتبر فيه ان الزج باسم (قطر) هو امر (مرفوض)، بالتالي فإن تأجيج الازمة من جديد الذي قامت به القاهرة امس (الخميس) لا يساعد في انتهاء خلاف الاشقاء بقدر ان مصر تسعى لشق الكيان الخليجي لابعد ما يمكن، بحيث تمكن الاعداء من التدخل بين الاشقاء الخليجيين، ولعل الدور الكويتي والعماني والسوداني يمكن ان يلعب دوراً بمطالبة مصر بالكف عن التأجيج، خاصة ان موقف رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي عندما غادر قاعة الرؤساء اثناء كلمة أمير قطر في القمة العربية الـ (28) الاخيرة التى انعقدت بالعاصمة الأردنية عمان في مارس الماضي، تجاهله القادة العرب دون اهتمام، مما يتطلب مرة اخرى الا يجد الطلب المصري في مجلس الامن الدولي اهتماماً ايضاً من الاشقاء الخليجيين!!

الثقل الكويتي والعماني لتخفيف التوتر الخليجي

يواصل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، جهوده لاحتواء خلاف الاشقاء الخليجيين، حيث من المنتظر أن يتنقل بين أبو ظبي والدوحة، بعدما أنهى زيارة سريعة لمدينة جدة السعودية، التقى خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز، ويقول الكاتب الكويتي بصحيفة (الأنباء) عادل المطيري انه منذ تداعيات الأزمة الخليجية العاصفة بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات من جهة، ودولة قطر من جهة أخرى، فإن الأزمة يعود تاريخها لمنتصف التسعينيات، وازدادت تعقيداً بعد ثورات الربيع العربي والرؤى الخليجية المختلفة، ويضيف المطيري أنهم كخليجيين في نهاية الأمر تهمهم المعالجة في اطار مجلس التعاون الخليجي، الذي يعتبر صمام الأمان لشعوب المنطقة في ظل الظروف الأمنية الخطيرة التي تحيط به. وفي السياق نفسه قال أمين مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي النائب عودة الرويعي، إنّ قطع العلاقات الدبلوماسية يجب ألا يمتد إلى قطع العلاقات الإنسانية والأسرية والاجتماعية، كما يحدث اليوم وفي هذه المرحلة، ونحن بوصفنا كويتيين نحب قطر وشعبها، كما نحب الشعوب الخليجية الأخرى. وبدوره قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور فيصل أبو صليب المطيري إنّ المفاوضات تنطلق من إدراك الكويت أنّ بقاء منظومة مجلس التعاون الخليجي خيار استراتيجي لهذه الدول، وبالتحديد لدولة مثل الكويت شهدت دور دول المجلس في تحريرها من الغزو العراقي عام 1991، على المستوى الدبلوماسي والعسكري، حينما شاركت القوات القطرية في معركة الخفجي. وبجانب الدور الكويتي فقد استقبل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، وتأتي زيارة الوزير بعد ساعات من إعلان كل من السعودية والبحرين والإمارات ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وعبّر مجلس الوزراء القطري، في وقت سابق، عن استغرابه قطع السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع الدوحة، مشدداً على أن قطر ستبقى وفيّة لمجلس التعاون الخليجي، ويتوقع أن تقوم السلطنة بذات الثقل لحل الخلاف الخليجي الخليجي.

الانتباهة

Exit mobile version