أسد البراري: جنود السودان في اليمن ليسوا في نزهة

نحن في حالة حرب، وقواتنا المسلحة تقاتل في ساحات المعارك، وينقضون على عدو لا يؤمن بمبادئ، ولا تُقيده قيّم، فقد أمعن في الشعب اليمني قتلاً ونهباً، ولم تسلم منه النساء، كما لم يسلم منه أطفال، والمعارك الكبرى في ميادين وساحات القتال، تعززها التعبئة الداخلية، وتُسهم الجبهة الداخلية في رفع معنويات وكفاءة الجنود من خلال التلاحم، وزرع الثقة الكاملة فيهم، ودعمهم معنوياً بشكل يومي مستمر، وحمايتهم من كل خطر متوقع.

– حمايتهم ليس بالسلاح، فهم الأقدر علي ذلك، بل حمايتهم وإبعاد الخطر عنهم من خلال المحافظة على أسرارهم، وعدم تداول الصور والمعلومات التي قد تشكل خطراً عليهم، فعدوهم متربص بهم، يرصد كل صغيرة وكبيرة، ونحن اليوم في عالم صغير ضيق الحدود والآفاق، وما ينشره أي منّا على حسابه أو صفحته في مواقع التواصل الإجتماعي يُصبح متاحاً للعالم بأسره، ولا يعلم أحد أبداً مدى إنتشاره، وكيفية الإستفادة منه، ومدى خطورة ذلك أيضاً على الجنود البواسل في ساحة المعركة، أو على أهاليهم وذويهم في السودان، أو حتي بقية دول التحالف العربي.

– جنودنا هناك ليسوا في نزهة، بل هم في جبهة ساخنة يحملون أرواحهم بأيديهم، ويفدون بها المقدّسات وأرض الحرمين، والدفاع عن الأشقاء في اليمن، ويحمون أمننا وإستقرارنا لما يشكّله باب المندب من منفذ إستراتيجي للسودان ولبقية الدول، ومع ذلك هناك من لم يدرك ذلك، ولم يستشعر خطورة ما يقومون به من مهمات، فتجده يُطلق أو يعيد إرسال الشائعات على مواقع التواصل الإجتماعي، والتي قد تؤثر سلباً عليهم، أو إيجابا لعدوهم، أو تساهم في وصول معلومات مُحزنة لهم، أو مفيدة جداً لعدوهم، والأكثر من ذلك هناك من ينشر صوراً لقواتنا وهم في مهامهم على أرض المعركة أو في المعسكرات والخنادق، مُظهراً آلياتهم العسكرية، أو أسلحتهم، بل وصل الإستهتار لدى البعض بنشر صوراً ومقاطع لقادة عسكريين ميدانيين ووضع أسمائهم، معتقدين أنهم بذلك يرفعون معنوياتهم أو يُساهمون في نشر بُطولاتهم في حين أنهم بهذا الفعل يُعرضون حياة هؤلاء القادة والإفراد إلى تهديدٍ حقيقي، متناسين أنهم هناك في مهام عسكرية لا يرجون من ورائها شُهرة او تمجيداً.

– يتسابق كثيرون لنشر المعلومات، وكأنهم سيحصدون الجوائز جراء ذلك، متناسين أن هناك جهة واحدة رسمية هي فقط المخولة بنشر المعلومات العسكرية، وفق قواعد وإجراءات معينة في مثل هذه المواقف، فما الهدف من هذا التسابق المحموم، وما الهدف أصلاً من الدخول في هذا المجال، نحن في حالة حرب حقيقية، لذا لابد من تفعيل بعض القوانين التي تُدين مثل هذه الأفعال، حيث من الضروري جداً في هذه الفترة الحساسة، معاقبة كل من ينشر صوراً او معلومات او أسماء تقع في دائرة المحظور، أو تُشكل تهديدا لسلامة وامن أفراد وضباط القوات المسلحة.

– وقانون العقوبات في السودان واضح وصريح و يتصدى بحزم لكل سلوك من شأنه التأثير السلبي على الجهود العسكرية، حيث يتم التشديد الصارم للعقوبات في جميع الجرائم المخلة بالسلم والأمن العام، أو إستقرار المجتمع، وتماسكه وهو يعاقب بالسجن والغرامة على مطلق الإشاعات أو البيانات الكاذبة أو إذا كان الغرض منها إضعاف الروح المعنوية.

– لذا على أفراد المجتمع الإنتباه وعدم الترويج لأي معلومات مغلوطة، وعلى كل شخص إستقصاء المعلومة من مصدرها الموثوق، وعدم التعدي على إختصاص القوات المسلحة، فهي وحدها دون غيرها المسؤولة عن إصدار التصاريح والمعلومات والبيانات المتعلقة بأفرادها أو قواتها، وعلى كل فضولي أو لا مبالي أو غير مدرك للظروف التي تمر بها الدولة أن يواجه القانون والعقوبات وهي كفيلة بالتعامل مع فضوله ولا مبالاته.

– ختاماً إن العمل العسكري في الميدان يختلف تماماً عن المعلومات العسكرية، فأي نشر لمعلومة لابد أن يكون مدروساً جداً، خاصة أن هناك تحالفاً عربياً له ناطقه الرسمي هو الذي يدّلي بالتفاصيل والمعلومات عن كل الأحداث ومجريات العمليات هناك، لذا فضلاً أي نشر للمعلومات العسكرية أو تحرك القوات هناك لابد أن يضّبط، وأن أي تجاوز في نشر معلومة هناك ستؤثر سلباً علي عمل القوات، ولو كان الناشر يقصد رفع المعنويات، وهناك خسائر بالفعل لقوات التحالف كان السبب الرئيس فيها هي وسائل التواصل الإجتماعي، فنرجو الحذر وعدم التدخل في شؤون وتحركات القوات المسلحة والتحالف العربي في اليمن.

بقلم
أسد البراري

Exit mobile version