الصندوق القومي لودائع المهاجرين

مئآت الآلاف من السودانيين المهاجرين بالمملكة العربية السعودية يخططون للعودة للسودان. وآلاف آخرين بدول الخليج الأخرى يشعرون بعدم الأمان، ولا ملاذ لهم إلا وطنهم السودان. ماذا أعددنا لهؤلاء وأولئك؟

ان الكلام التقليدي حول قيام جهاز المغتربين باستقبال الأسر العائدة، وحصرهم، ومعرفة قدراتهم الفكرية والمالية، بغرض تسهيل حصولهم على وظائف أو استثمارات، يبدو أن الوضع الماثل سوف يتجاوزه لسببين: الأول هو الاعداد الهائلة المتوقع عودتها، والسبب الثاني عدم الثقة المتأصلة لدى المهاجر السوداني من خلال تجاربه السابقة مع المؤسسات الحكومية السودانية.

في ظل تجديد العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان لثلاثة أشهر أخرى ربما تمدد لفترة أو فترات أخرى، ومع الأخذ في الاعتبار أن السلطات بالمملكة العربية السعودية قد بدأت في تطبيق سياسة فرض الرسوم على المرافقين، فإن حلولاً غير تقليدية مطلوبة لمعالجة أوضاع كهذه.
اقترح لتحقيق الامان والفائدة للمهاجر، مع فائدة مصاحبة للاقتصاد السوداني، تشريع قانون بإنشاء الصندوق القومي لودائع المهاجرين. يعمل الصندوق على استقبال هذه الودائع، وإدارتها بطريقة اقتصادية، عن طريق أنشطة واستثمارات مختلفة، داخل وخارج السودان.

يقوم المهاجر بإيداع مدخراته بالعملات الأجنبية بالصندوق، ويوقع في نفس الوقت تعاقدا مع الصندوق يسمح له باستثمار هذه الأموال أو المتاجرة فيها بصيغة المضاربة المطلقة. ويلزم التعاقد الصندوق بتسييل الوديعة، أو أي جزء منها بنفس عملة الإيداع، أو بالعملة السودانية بسعر السوق الحر، في أي وقت يطلبه المهاجر . ويمنح الصندوق المهاجر راتبا شهريا يتناسب مع الارباح المتوقعة من وديعته.

يُعهد بإدارة الصندوق لشركة متخصصة في إدارة الصناديق الاستثمارية، ويمكن الاستعانة بخبرة دولية في هذا الصدد، ويُؤمن على أموال الصندوق محلياً ودولياً، وتُتبع في إدارته أعلى معايير الشفافية والحوكمة. ويُلزم القانون المقترح الصندوق بإستثمار ما لا يقل عن ٢٥% من الودائع بالسودان.

ما الداعي لاقتراح قانون خاص للصندوق؟ الا يكفي قانون العمل المصرفي وقانون الشركات السودانيين لتأسيس صندوق كهذا؟ لا بد أن يكون واضحاً أن اقتراح قانون خاص هو لاكتساب ثقة المهاجر أولاً. ثم لتجاوز بعض النصوص في قانون العمل المصرفي التي تلزم البنوك التجارية بوضع كل ودائعها من النقد الأجنبي لدى بنك السودان، والرجوع إليه في كل مرة تحتاج فيها هذه البنوك لنقد أجنبي. كما تنص سياسات بنك السودان على منع صيغة المضاربة المطلقة المقترحة.

قد يكون من الأفضل إجراء تعديل محدود في قانون بنك السودان يسمح بإقامة الصندوق. أو أن يتقدم بنك السودان نفسه بمقترح كهذا. غير أنه يُوصى بأن تبادر وزارة المالية أو وزارة الاستثمار (من خلال قانون المناطق الحرة) بإقتراح مثل هذا القانون، في حالة تراخي أو رفض بنك السودان. وذلك لإنقاذ الموقف، ومنع تدفق مليارات الدولارات من مدخرات المهاجرين لدول أخرى، أو الاحتيال عليهم من قبل سماسرة محليين أو دوليين. والله الموفق.

د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com

Exit mobile version