تدخين الفتيات.. ظاهرة باتت تُمارس في الشارع العام

من المعروف أن لمجتمعنا السوداني الكثير من التحفظات والخطوط التي لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، وللمرأة قيود ومحاذير تكبلها لا يمكن أن تتخطاها، غير أن جيل هذا اليوم شهد الكثير من التحولات، وقفز فوق جدران هذه القيود مع مرور الوقت أضحت الكثير من الأمور المحظورة مباحة بل تمارس بكل جرأة، فمنها ما سلم من ألسن الناس ومنها ما يمر على مضض ومنها ما لم يتمكن الشارع من تقبلها ويبذل قصارى جهده لمحاربتها.

ومن هذه الظواهر التي طفت على السطح وفرضت نفسها بقوة تدخين الفتيات وخاصة على الملأ، وهي ظاهرة أصبحت اليوم واقعاً معاشاً لابد من النظر إليها بعين الإعتبار، وعدم تجاهلها ووضعها ضمن المسكوت عنه لما أخذته الظاهرة من مساحة في التمدد.

ومن المسلمات عند الشباب التدخين وهو عادة نادراً ما نجد من لا يمارسها، وتختلف أسبابهم، ولكن عند الفتيات لم تعرف بعد ماهية ممارسة هذه العادة، فمنهن من تحاول مجاراة الأحداث الجديدة، وأخرى تحاول رسم شخصية جرئية ومتطرفة من خلال التدخين، ومنهن من تحاول التمرد على الشارع العام، الذي أجبر أخريات على التوجه للتدخين للهروب من واقعهن المرير، كما أن التدخين يعني لبعضن مجرد الإستمتاع بعادة جديدة فقط لاغير.

كحال الكثير من الأشياء التي تعتبر من الممنوعات لم تبدأ هذه الظاهرة على الملأ مباشرة، بل تدرجت في الظهور، ففتيات اليوم لم يتجرأن على ممارسة عادة التدخين أمام العامة، ولكنها كانت العادة التي يتلذذن بها سراً في الجامعات وخبايا المنازل خوفاً من ألسنة الناس التي لا ترحم إذا وقعت تحت وطأتها.

ولكن بمرور الزمن واكتساب بعضهن للجرأة المطلوبة لمواجهة الناس بدأت هذه الظاهرة في أخذ مسار العلنية التامة رغم أنف الجميع.

لم تعهد شوارع الخرطوم من قبل أن تمارس عادة التدخين من قبل النساء، لذا أصبح الشارع كمن تلقى صفعة قوية عندما بدأت هذه العادة في الظهور وأثارت ضجة عالية بين الناس الذين لم يستوعبوا أن هناك من الفتيات من لديها الجرأة الكافية للتدخين علانية دون الخوف من ألسنة الناس، وظن البعض أن الحكاوي المتبادلة عن هذه الظاهرة ما هي إلا محض أقاويل وتأويل فهم لم يتقبلوا هذه الظاهرة التي أصبحت اليوم من الأشياء المعتادة.

لا شك أن التدخين ضار بالصحة، ولكن ليس هذا هو محور رفض المعارضين لهذه العادة، بل على نوع المدخنين الذين يرفضون أن يكونوا من النساء لأنه في إعتقادهم ليس من الملائم أن تدخن الفتيات وخاصة على الملأ. وهو أمر يرفضونه تماماً ويبذلون قصارى جهدهم للحد منه.

بينما ذهب آخرون إلى وضع هذه الظاهرة ضمن الحريات الشخصية التي هي حق كل شخص سواء كان رجلاً أم امرأة، فالتدخين إذا كان من المسموح به للرجال فهو كذلك للنساء، ولا تتغير نظرتهم إلى المدخن من حيث المظهر العام، وهو حق مكفول لكل شخص بما أنه لا يخل بالمظهر العام.

صحيفة الصيحة

Exit mobile version