فشلت الحكومة.. فلِمَ لا ينجح المجتمع؟!

بكل سهولة ويسر.. يمكن لكل ذي بصر وبصيرة من مواطني ولاية الخرطوم، أن يشير بأصبعه إلى مواضع لا عدد ولا حصر لها، تؤكد القصور الإداري والخلل الهندسي في أنحاء واسعة من مدن وأحياء عاصمتنا المثلثة.
ولا جدال في أن حكومات ولاية الخرطوم المتعاقبة فشلت تماماً في مواجهة أي (مطرة) يستغرق نزولها أكثر من ساعتين، لا شيء يفعله الوالي السابق أو اللاحق سوى أن يتفقد بعض المواقع – طبقاً لما وثقت أكثر من صورة لأكثر من والٍ – رافعاً طرفي بنطاله إلى ما تحت ركبتيه، يرافقه وزير البنى التحتية ومعتمد المحلية ومديرها التنفيذي وجوقة من التنفيذيين والموظفين، والمحصلة (صفر) كبير، حيث يأتي الخريف و(اللواري بتقيف).. والحال يزداد سوءاً على سوءاته!!

هذا هو حال الحكومة، فما هو حال المجتمع.. وما هو فعله.. وهل يكتفي بالفرجة وانتقاد الحكومة والتأكيد على فشلها وقصورها، بينما أسراب الذباب، وجيوش البعوض، وفرق الضفادع تحاصر القصور الفارهات المترامية والمتعالية طابقين وثلاثة وأربعة في جميع أحياء الخرطوم وأم درمان وبحري؟!
لم أجد ما أرد به على مستثمر (عربي) يملك مصنعاً في الخرطوم، وهو يقول لي: (يحيرني المواطن السوداني، إذ تجد أحدهم يشتري أو يبني بيتاً بمليون أو مليوني (دولار) في الرياض أو الطائف أو قاردن سيتي أو حي العمارات، بينما يعجز عن ردم الشارع أمام بيته بخمسة أو عشرة آلاف جنيه.. بل بإمكانه رصفه بالأسفلت حتى الشارع الرئيسي)!!

صدق الرجل الغريب، فنحن مجتمع (إتكالي).. ننتظر أن تفعل لنا الحكومة أي شيء ، رغم علمنا أنها حكومة فاشلة وعاجزة لأسباب عدة!!
بالله عليكم.. أليس عيباً أن تتحول أحياء الأثرياء والمليارديرات في شرق الخرطوم وشرق بحري إلى مسطحات قذرة وبرك آسنة!!
لو أنك مررت بأي من شوارع حي “العمارات” أو دخلت شارع “المنشية” الرئيسي الذي تطل عليه سفارتا “الصين” و”قطر”، لما حسبت أنك في منطقة يباع فيها المتر بالدولار، بينما تسبح كل القطع والطرق في بحيرات طافحة من مياه الأمطار المتجمعة في كل مكان بلا تصريف، ويتكرر ذات المشهد كل عام!!
إلى متى يتفرج سكان هذه الأحياء المترفة، بل سكان الفتيحاب والثورات وأم بدة على هذا القبح، وفيهم مئات المليارديرات الذين يمكنهم أن يساهموا ببضع (مئات) من الجنيهات مع أهالي الحي، ليردموا شارعاً أو يجففوا ميداناً تحول إلى مسبح متسخ!!

صارت معظم البيوت حتى في الأحياء الشعبية (مسلحة) أو من طابقين وثلاثة، فلِمَ لا تجعلوا للشارع أمام بيوتكم (جُعلاً) من مالكم فتنظفوا بيئة سكنكم ومحيط أولادكم، حماية لهم من الأوبئة والأمراض؟!
ماذا تمثل (مائة جنيه) لتاجر كبير أو صغير أو وزير.. أو سفير.. أو مدير.. أو ضابط رفيع يساهم بها مع بقية أهل الحي في جلب (دور أو دورين) بشاحنة (رمل) أو (خرصانة) لردم وتسوية كل طريق أو ساحة في الحي تتجمع فيها مياه الأمطار، مع رش (الزيت الراجع) عليها؟!
انطلقوا جميعاً في المجتمع.. ساهموا في نظافة وتجميل أحيائكم.. من يملك المال يدفع.. ومن لا يملك يتابع ويشرف ويقف على العمل.. فإنكم إنما تخدمون أنفسكم.. وتحفظون صحتكم.. وصحة أولادكم ولا تخدمون الحكومة.

في كل حارة من أي حي في العاصمة.. هناك ميسورون باستطاعتهم أن يفعلوا بقليل من المال ما لا يمكن للمحلية أن تفعله لسنوات، أنسوا الحكومة والمحلية.. وانهضوا إلى الشوارع و الميادين.. استنفروا شبابكم ونساءكم .. وأعلموا أنه (ما حك جلدك.. مثل ظفرك).

الهندي عزالدين – شهادتي لله
صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version