هروب الاستثمار إلى أثيوبيا .. واقع تكذبه الحكومة

استثمارات صناعية كبيرة ورؤوس أموال ضخمة بدلت اتجاهها نحو الجارة أثيوبيا بدلاً عن السودان، منها ما هو أجنبي ومنها الوطني، وكلما ارتفعت وتيرة الحديث الحكومي عن أن السودان صار بوابة العالم العربي نحو إفريقيا، كلما فُتحت الطرق أمام المال الوطني باتجاه الجارة الشرقية، اذن لماذا يهاجر رأس المال السوداني إلى الجيران؟ ما الذي يجده هناك ويفقتده هنا؟ يكثر المسؤولون من الحديث عن تمكن السودان من استقطاب ملايين الدولارات الأجنبية عبر بوابة الاستثمار، لكن الواقع يكذب ذلك، بدليل تزايد معدلات هروب استثمارات ورؤس أموال وطنية الى أثيوبيا في مجالات الصناعة بصورة خاصة، حتى أن بعض المراقبين يراهنون على أن أثيوبيا ربما أصبحت بوابة أفريقيا الحقيقية .

اتحاد الغرف الصناعية في الخرطوم لم يخف تحسره على ضياع فرص كانت أمام السودان لاحتضان نهضة صناعية ضخمة وتوطين رؤوس أموال عربية وأجنبية ضخمة، و قال الأمين العام للاتحاد علي السيد إن دولة في حجم الصين كانت البلاد بوابة لها للدخول إلى أفريقيا منذ وقت طويل، والتى كانت بداية استثماراتها في النفط إلا أنها خرجت من الشباك الى أثيوبيا وغيرها من دول القارة مثل تشاد و الكاميرون.السيد أكد أن البلاد لم تهمل الأرباح المنتظرة من قطاع النفط فحسب بل تنازلت عنها إلى دولة الجنوب بعد الانفصال و اكتفت ب(التفرج) عليها ، إلى جانب القروض التي قدمتها الصين للبلاد والتى لم نستفيد منها في تأهيل البنى التحتية الداعمة للصناعة والاستثمار مثل مطار الخرطوم و الموانئ إضافة الى كهرباء الفولة والمناطق الحرة، و تابع بل أصبحت تلك القروض ديوناً تثقل كاهل البلاد.وعند المقارنة بأثيوبيا يقول السيد، عندما كان السودان يضيع الفرص التي أمامه، كانت أثيوبيا ترصف بيئتها لاستقبال استثمارات عالمية تعود عليها بأرباح طائلة وقد مضت في هذا الاتجاه بخطى ثابتة عبر وضع سياسات اقتصادية مستقرة و قوانين ملزمة للجميع بجانب استقرار أسعار الصرف حتي صار مناخها الاستثمارى نموذجياً، وهذا ما أغرى الشركات الصينية لإنشاء منطقة صناعية حرة ضخمة بأثيوبيا.ويضيف السيد، ما يقال عن هروب رؤؤس الأموال السودانية إلى أثيوبيا هو واقع وصحيح وإن رؤوس أموال وطنية اضطرت الي الخروج بالرغم من تمسك بعض رجال الأعمال بالبلاد باستثماراتهم داخلياً،في ذات المنحى وضع الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل محاربة الفساد و الشفافية في قمة مقارنتة بين المناخ الاستثماري بالبلاد و بين ذلك المتوفر في أرض الحبشة، « أثيوبيا تعتمد المنهج العلمي في اتخاذ قراراتها في المقابل تتخذ القرارات في السودان حسب المزاج الفردي»، و تابع « أثيوبيا لا تعرف سياسات التمكين في الاقتصاد أو ما وصفه بسياسة الحزب الواحد و الشلة الواحدة».ويقول أثيوبيا نجحت في تحقيق التداول السلمي للسلطة وانتصرت في حربها على الفساد، في المقابل لم نفلح فيها، ولم يغفل المهل تمتع الجارة اثيوبيا باستقرار على المستوى السياسي عبر إنهائها للحروب المختلفة الداخلية أو الاهلية إلا من خلافات محدودة ليست ذات أثر ملحوظ على مستوى الأحداث فضلا عن خلوها من المنازعات الحدودية.

أما على المستوى الاقتصادي فاعتبر المهل أن انخفاض أجور الأيدي العاملة من اكبر محفزات الاستثمار باثيوبيا ،فضلاً عن أن تلك العمالة مدربة و مؤهلة على مستوى عالى ، بالاضافة الى توفر البنيات التحتية من كهرباء و اتصالات بجانب الطرق و قنوات الري و المناخ المناسب ، منتقداً تعدد الجبايات و الرسوم بالبلاد و التى تصل الى (50) رسم غير قانوني.وسلط المهل الضوء على حرية حركة الأموال بأثيوبيا داخلياً و خارجياً ، الى جانب انعدام القيود على نوع الأنشطة الاستثمارية ، مقراً بوجود توجهات وطنية و عربية وأخرى آسيوية و إيطالية إليها .وضرب مثلا بهروب السفن الى مواني جدة و جبل أم علي ، في وقت عجز فيه ميناء بورتسودان عن إخراج واردات البلاد ،وأشار الي نجاح الخطوط الجوية الأثيوبية التي تسيطر حسب قوله على الأجواء الافريقية بينما تمتلك الخطوط السودانية طائرة واحدة.لم يذهب الخبير السياسي حسن الساعوري بعيداً عن ما مضى اليه كل من الخبير الاقتصادي و اتحاد الغرف الصناعى ، مؤكداً أن العروض للاستثمار بأثيوبيا أكثر جاذبية من السودان ، مرجعاً الأمر الى عدم الاستقرار السياسي بالبلاد ، و قال الساعوري :إن الأوضاع السياسية بالبلاد كثيراً ما تقف حاجزاً أمام الاستمارات سيما تلك استثمارات المدى الطويل ، واستبعد أن يكون لهروب الاستثمارات إلى الجارة الشرقية أثراً على مستوى الدول طالما أن الأمر محصوراً في إطار (البيزنس) بحسب تعبيره ، « لكن الأمر يستدعي مراجعة الدولة لعروضها الاستثمارية بالبلاد. .

تقرير: أسماء سليمان
اخر لحظة

Exit mobile version