حتي أن إستخراج جواز الكتروني قد بات اسرع واسهل من الحصول علي طبق واحد من فول (فريد)

وفريد الذي إختار لمتجره ان يكون في بحري لايساوم في جودة فوله الشهير وسمعته عابرة الكباري ..
اهتم الرجل بالحفاظ علي جودة منتجه الوحيد ووقوفه شخصياً علي تعبئته في اطباق الزبائن وفي ذلك فرصة لتواصل حميم وضاحك مع كل من يعشق ذلك الفول المبجل ..
كنت اظن وبعض الظن فول أن المرحوم عبد الوهاب الذي يقع دكانه جوار نادي الأسرة وفي الركن الشمالي الغربي لمدرستنا الخرطوم الجديدة كنت اظنه من قام بقفل باب الإجتهاد في الفول بعد ان كنا لا نطيق حتي جمعة إجازة المدارس دون ان نصطبح بمصافحة حباته (الغليدة) من أرض السليم قبل ان تداهمني أفوال الهجرة بامدرمان بجودتها المتراصة علي جانب الطريق حتي ظننت ان سعر العقار والايجار في الهجرة وابروف قد تطرأ عليه إرتفاعات ذات صلة بالامر وظللت علي ذلك الحال حتي ولج الي الساحة ذلك الفريد في عصرو الذي لايجعلك تغادر صف الفول قبل ان يفاجئك بحركة أكروباتية حين يقذف بالزيت عالياً من كمشة شقية يغرف بها بسرعة البرق بعد ان يملؤها بزيت سمسمه الولد من معاصر المحترفين ..
يالجودة الأداء حين يكتمل الإهتمام بالعمل وأي عمل حين تكون الإجادة موهبة في جمع أشتات من البقول والزيت والملح والشمار ينسجها فتصبح بطعم السودان الذي نحب ..
في دقائق إلتهامك لفول (فريد) البحراوي تشعر انك تصافح جورج مشرقي وتترحم علي أبو العباس والعشرة الكرام مذاق متراكم عبر التاريخ لا تحسه منبتاً حين يداعب في عقلك الباطن مركز الفول ذلك المركز الذي يحتفظ بروايات عشقنا له عبر السنين ..
في فول (فريد) تشعر بالجودة المفقودة في طول البلاد وعرضها وتحلق بك النوستالجيا حتي تسمع صوت القطارات المصطفة في الموعد داخل محطة القطار الرئيسية وهي تنتظر الاذن بالإنطلاق الي كل الربوع والنجوع وكأن فوله قد نضج من بف نفس القطار تري الافندية يشدون احزمة البنطال ابو ابازين وتلمحهم ممشوقي القوام يبتغون اكمال خدمة لزائر في المصلحة الحكومية الأنيقة ذات النظافة وحسن ادارة الوقت يطل السودان عبر ذاك الفول حميما بالأنس والشعر والاغاني والذكريات هدير الكاشف انا افريقي انا سوداني واناقة خليل فرح افندي وبحة الصوت الوسيم في اغاني احمد المصطفي تشعر بوردي يجالسك والمحجوب والازهري وقاسم امين ينتظرونك علي طاولة الطعام فياله من فول يعيد اذهاننا الي حيث جودة الوطن ومواطنها ودقة الإبهار والإدهاش اللهم احفظ لنا فولنا فقد اصبح رمزنا المتبقي لوطن كامل التجويد منذ كتشنر وحتي زمان الحلم الإفتراضي المنتظر لسودان مجود وفسيح ..

طارق الامين
فيسبوك

Exit mobile version