إرادة الإصلاح

بدأ الحزب الحاكم حملته القاعدية للبناء والإصلاح، ويقوم بتحركات داخلية واسعة هدفها الإصلاح الحزبي ولجم الأصوات المخالفة أو المتصارعة على المناصب والمكاسب وبريق السلطة،

كما أشار المهندس إبراهيم محمود نائب رئيس المؤتمر الوطني في زياراته لبعض محليات ولاية الخرطوم، متفقداً مستويات الحزب المحلية.
> ما يحدث بالتأكيد، شيء جيد ومهم للغاية، خاصة في الظروف الراهنة التي يمر بها العمل الحزبي بوجه عام، وتعاني منه كل المكونات الحزبية في البلاد ، لكن هل هذا يكفي..؟ أم أن هناك وسائل أخرى لإدراك ما يمكن إدراكه في مسائل ترقية العمل السياسي وتحقيق الانضباط اللازم وتهيئة الأجواء للاستحقاق الانتخابي في ٢٠٢٠ الذي بدأت إرهاصاته منذ الآن، وحلت نذره تغشى البوادي والحضر ، وتنبه لها الفاعلون من السياسيين والطامعين على السواء، الذين يتوقعون حدوث تحوُّلات كبيرة آنئذ، بعد خروج السودان من وهدة العقوبات وقاع هاويتها ..
> يعاني المؤتمر الوطني من حالات تفلُّت عارمة يجب الانتباه إليها منذ الآن ، اذا كانت في الفترات السابقة قد بانت مساوئ والخلافات ومظاهر الطمع في انتخابات ٢٠١٠ التي قال فيها د. نافع قولته الشهيرة إعطاء البندول لمن غضبوا وحاولوا السباحة عكس تيار الحزب، ظهرت أيضاً في انتخابات ٢٠١٥م، لكن اليوم الصورة أكثر إثارة للقلق، بسبب تضخم الطبقة السياسية وبروز حشود من القيادات المحلية مع وجود أعداد مهولة من القيادات ذات الوزن المتوسط والثقيل من الدستوريين السابقين ومن تمرقوا في تراب السلطة وتبرها!.

> إن عملية الإصلاح الحزبي والسياسي، شاقة وليست بالسهولة المتوقعة، لوجود عوامل رئيسة تجعل من التنافس والتطلع واللهث وراء المواقع ودوس الآخرين بالإقدام والحوافر، هو الطريق الأسهل لمن يمارسون العمل السياسي ، وبات معروفاً أنه لا سقوف تحجب التطلعات السياسية المشروعة وغير المشروعة، ولذا سيجد قادة المؤتمر الوطني مشقة بالغة في ترتيب الأوضاع قبيل انتخابات ٢٠٢٠م خاصة في الولايات التي تعاني من خلافات حادة داخل الحزب، وبالأخص مع رؤساء المؤتمر الوطني وهم ولاة الولايات .

> وتقتضي عملية الإصلاح إرادة قوية وعزيمة فائقة وإجراءات صارمة حتى تبلغ منتهاها وتحقق أهدافها، ولا مناص منها لما نراه كل يوم من حالات تفلت صاحبها انفجار هائل في وسائل الاتصالات والإعلام ونقل المعلومات والآراء، فالجميع قادرون على التعبير عن مواقفهم، والكل قادر أن يفلت من سياجات الحزب والأوامر التنظيمية، وهذه ليست أزمة سيعاني منها المؤتمر الوطني وحده، بل هي أزمة تعاني منها كل الأحزاب في العالم، لقد رزيتْ التكوينات الحزبية على نطاق واسع بجائحة وبائية أضعفت الولاء وهتكت النسيج السياسي، وأصابت الأحزاب بهشاشة عظام وقلة مناعة لا تعصمها من القواصم أو السقوط من عند السفح .

> اذا كان لدى المؤتمر الوطني وعي كافٍ بما يدور من تفاعلات اجتماعية وسياسية داخل صفوفه، فعليه بتطبيق وتنفيذ كامل، برنامجه الإصلاحي وتغيير القيادات بوجوه جديدة تلائم المرحلة المقبلة، وإيجاد حلول عبقرية وعاجلة لإزالة الاحتقانات في الولايات، وربما يكون من الضروري جداً من الآن التفكير بعمق وإيجابية في توليد شعارات جديدة وإنتاج خطاب سياسي جاذب وقريب من هموم الجماهير وبعيد عن اليوتوبيا السياسية ومزالق التعميم الأجوف .

> مع كل هذا، يُحمد لقيادة المؤتمر الوطني أنها تنبهت للحالة الراهنة وبدأت تتلمس الواقع برفق كالآس الذي يجس عليلاً، لكن ذلك لم يكفِ إن لم يحدد العلاج وتوضح الوصفة وتعلن الصرامة في التعامل مع التجاوز أو اللعب خارج القواعد التنظيمية.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version