(600) مليون دولار.. ماذا سيفعل تجار الدولار بدولارهم ؟!

بدأت بشريات قرار الإدارة الأمريكية برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية عن السودان تظهر، ويمكن تحسسها واقعاً، فقد أعلن محافظ بنك السودان المركزي السيد “حازم عبد القادر”، في تصريح تنشره الصحف اليوم أن البنك حصل على تمويل وشرع في تنفيذه اتفاقه بمبلغ (200) مليون دولار، لتمويل استيراد مواد بترولية وقمح ودواء، بشروط ميسرة.
وأعلن المحافظ عن اتفاقيات مع ثلاثة بنوك أخرى بجملة (600) مليون دولار.
المحافظ كشف أيضا وهذا مهم أن نسبة الفائدة على هذه التمويلات ستكون أقل مما كانوا يدفعون في الفترة الماضية بنحو (50%) !!
هذا هو الأثر الإيجابي الأهم والأبرز لرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن السودان، ولذا ظللنا نبشر شعب السودان بأثر القرار الأمريكي عندما كان يحاول آخرون كثر إحباطه !!
لقد ظل بعض الكُتَّاب، ويفترض أنهم من قادة التنوير والرأي العام في بلادنا، يكتبون من غير تدبر ومعلومة، يسفهون للشعب السوداني قيمة رفع العقوبات عن كاهل دولتنا الفقيرة، ويرددون بغير علم أنها لا تعني شيئاً ولا أثر لها، وأن الأثر سيحدث عندما يزال اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. تخيلوا !!
أهم ثلاث فواتير صرف في القطاع المدني للدولة، وتحتاج لتوفير كميات كبيرة من النقد الأجنبي هي كالآتي: (البترول خاصة الجازولين والغاز لأن الإنتاج المحلي من البنزين يناسب استهلاكنا، القمح ثم الدواء).
إذن كيف كانت تحصل الحكومة على هذه السلع الثلاث خلال سنوات الحصار الأمريكي؟، وكيف كان يتم توفير التمويل بالنقد الأجنبي بصورة مستمرة وعاجلة؟، لأنها سلع (سياسية) .. انعدامها أو ندرتها في أي بلد يطيح بالحكومات ويسقط النظام..
كان بنك السودان يلجأ مضطراً إلى شركات دولية أو بنوك (وسيطة) لتوفير التمويل بنسب فائدة عالية جداً، ولا خيار أمامها في ظل الحصار وحظر المعاملات المصرفية مع البنك المركزي وكافة البنوك السودانية.
العسر الدائم والمعاناة اليومية التي ظل يواجهها بنك السودان منذ العام 2011 م بعد انفصال (الجنوب) وفقدان ثلاثة أرباع عائدات البترول، لتوفير نقد أجنبي وشروط ميسرة من بنوك دولية بما في ذلك البنوك (العربية) لتغطية فواتير استيراد المحروقات والقمح والدواء، يجعل كل عارف ببواطن الأمور يهلل ويكبر مئات المرات لقرار رفع العقوبات الذي بدأت ثمراته تتنزل تمويلات مغرية لسلع إستراتيجية بمئات الملايين من الدولارات.
لكن تجار الدولار.. وكبار رجال الأعمال المستفيدين من (اقتصاد الأزمة) لا يريدون انفتاحاً للدولة، ولا تمويلات خارجية بامتيازات وتسهيلات، ليبقوا هم (المتحكمون الدائمون) في قوت الشعب السوداني وقرارات الحكومة الاقتصادية يقودونها يميناً ويساراً !!
ومثلهم (معارضو الوهم)، مخالفو كل قرار ولو كان أمريكياً، ومنتقدو أي شخص ولو كان ملائكياً !! تباً لهم جميعاً.
الآن.. وقد توفر من الخارج دولار الجازولين.. والغاز.. والقمح.. والدواء، فماذا سيفعل تجار الدولار بدولارهم ؟!.

الهندي عزالدين
المجهر

Exit mobile version