من ينصح أيلا ؟..

لو كان هناك صديق صدوق للسيد محمد طاهر أيلا والي ولاية الجزيرة، لنصحه بترك الجزيرة على الفور، ومفارقة أهلها والاستقالة منها، بعد أن أنجز فيها ما أنجز وقدم ما قدم، ولينهي عهده بخيره وشره، ويرتاح من عنت هذه الصراعات القميئة التي شوهت صورة المؤتمر الوطني، وأنهت عفته السياسية.

> فالسيد أيلا لا يمكنه أن يحكم ولاية نصف قومها معه والنصف الآخر غاضبون عليه، ولا يمكن أن يقود ولاية من فوق ركام حزب أجهز عليه بنفسه، وتم ذبحه من الوريد الى الوريد، مثل هذه الصراعات لا تليق به كوالٍ صاحب خبرة وقيادي مشهود له بالكفاءة والعمل، بدلاً عن خوض كل هذه الوحول فليقل له من يصطفيه إرحل يا أيلا..!

> لماذا ندعوه للرحيل.. فليس كل ما يُقال ويُثار ضد الوالي هو من صنع الخيالات والهواجس العليلة، كما أن ما يُقال فيه من الغرض والمرض كثير، لكن منذ متى كانت السياسة هكذا؟.. هي بكل تدافعها وتفاعلاتها لا تتجاوز حدود المعقول والمقبول، وعندما تنحدر الى هذا القاع النتن والاحتراب المجنون والضرب تحت الحزام، تصبح لعبة هوجاء وملعب كريه لا تتكافأ فيه قدرات اللاعبين، ولا يسعف عقل الذكي ذكاءه وسط جوقة المتلفين ..
> السيد أيلا جاء للجزيرة محمولاً على أهداب صراعاته في ولاية البحر الأحمر، ولعل السبب طريقته وإيقاعه في العمل، وحسب علمنا منذ اليوم الأول توجس منه بعض أهل الجزيرة خيفة، وعلَّق عليه البعض الآخر آمالاً عراضاً تسد الأفق العريض، لكنه لم يخيِّب ظنون الطرفين، من توجسوا منه وناصبوه العداء وجدوا فيه ألف مطعن ومقتل، ومن توسموا فيه الخير وقفوا وراء إنجازاته الشاخصة وكأنه المُنقذ من الضلال ..!

> لكن شيئاً لم يفمهه صديقنا إيلا.. أن الجزيرة تختلف عن ولاياتنا نحن أبناء الأطراف البعيدة. أبناؤها حالة خاصة، ملحاحون في طلبهم اذا أعرضوا، دؤوبون في معاركهم اذا خاصموا، سبَّاقون الى ساحة النزال اذا يئسوا، خبروا السياسة ودروبها وخبرتهم، ونسبة لما حظيت به الجزيرة من حظوظ في التعليم والتنمية الاجتماعية، فإن السياسة عندهم بمقدار ما يتبسط لهم حاكمهم ويوطئ أكنافه لهم ولا يصعِّر خده أمامهم، ثم أن السيد أيلا وهو حاذق في لدغ خصومه في اللحظة القاتلة والحاسمة، لم تسعفه موهبته الفذة في إدراك أن السياسة في الجزيرة تستنسخ نفسها من ذاتها وتجد ترياقها في دمها المسفوح وجسدها الراعف والراعد والراجف .

> من الأفضل للسيد العزيز إيلا أن يترك الجزيرة وحدها تتحمل أوزارها أو تحمل أثقالها، فليست من مسؤوليته أن يجعل أهلها على قلب رجل واحد وهذا في كل الدنيا وفي كل زمان ومكان كالغول والعنقاء والخِل الوفي، لا يتحقق لرجل ولم يتحقق حتى لنبي.
> فالحزب الذي يقوده السيد الوالي معلول معطوب في ولايته، وشبه محتار في المركز هنا، مشوش هذا الحزب اليوم في خرطومه، لا يعرف كيف يعالج هذه الصاخة التي ألمت به في (جزيرة أيلا) . فلو ترك المؤتمر الوطني السيد أيلا في موقعه سيفقد بعض رموزه وقياداته وأهل السبق والتاريخيين من دهاقنته ووجوهه، ويكون قد ضحى بهم واختار رجلاً فرداً .. وإن اختار بقاء الحزب بالجزيرة ليتماسك بعد تناثر، ويتوحد بعد شتيت، ويتعافى من بعد تمزُّق واعتلال، سيكسب نفسه وجماهيره وفي نفس الوقت يكسب أيلا نفسه حتى لا يوغل في ما يفعله اليوم في الولاية التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً .

> ليت هناك ناصح أمين يهمس للسيد أيلا في أذنه، ويدعوه وهو في قمة مجده التنفيذي وبين إنجازاته التي لا يختلف عليها اثنان، أن يعتذر عن قيادة هذه الولاية ويترجل عن صهوتها، حتى لا يتفرِّق أهل الجزيرة بسببه شيعاً وطوائف ويمزِّق وحدتهم شرَّ مُمزَّق.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version