*مبارك الفاضل رجل برغماتي بدرجة امتياز..
*والبرغماتية هي أحد أهم الأسس الفلسفية التي صنعت أمريكا..
*نعم ؛ فأمريكا صنيعة الفلسفة… وأوروبا صنيعة التاريخ..
*وهذا ما أقرت به مارغريت تاتشر أواخر أيام وجودها في (10) داوننغ ستريت..
*والفضل في هذا الأساس الفلسفي يعود إلى وليم جيمس وجون ديوي..
*حتى الله – والعياذ به – جعلاه مفيداً… بقدر فائدة الإيمان بوجوده..
*ولكن أياً من هذين الفيلسوفين لم يغفلا أهمية (لعب البوليتيكا) لتحقيق الأهداف..
*وهذا ما يغفل عنه دوماً – في المقابل – مبارك الفاضل المهدي..
*فالبراغماتية هي التي أوصلته إلى القصر مساعداً للبشير… كما كان يشتهي..
*والفقر البوليتيكي هو الذي أبعده عن هذا القصر…على غير ما يشتهي..
*وتمثل هذا الفقر في مناصرة البشير على حساب الإسلاميين..
*أو بعبارة أخرى : الجناح العسكري في نظام الإنقاذ..
*والقصر- آنذاك – يعج بمدنيين إسلاميين… ما كان الانقلاب لينجح لولاهم..
*وجميعهم – عسكريين ومدنيين – ما كانوا لينقلبوا لولا الترابي..
*إذن؛ فمبارك أراد أن (يهش) على الدبابير في (عشها)… فلدغته بسمها..
*والآن يُعيد (لعبة) الأماني… بعيداً عن (لعب) البوليتيكا..
*فهو لا يكاد يخفي فرحه بما يراه من مظاهر (مفاصلة) جديدة على مسرح الإسلاميين..
*وذلك بعد أن تمكن – بفضل برغماتيه – من (الوصول) ثانيةً..
*مفاصلة – هذه المرة – بين الإسلاميين كلهم والعسكريين..
*وهي مظاهر أشرت إليها- بقليل تفلسف- في كلمة لي عقب ترشيح البشير لإيلا..
*ولكنه أشار إليها – بكثير تهور- في كلمة له قبل أيام..
*علماً بأنني لا شيء لدى أخاف عليه بعكسه هو الذي (يناضل)…من أجل المناصب..
*فقد تكون هذه المظاهر محض أشواق يصعب تنفيذها..
*أشواق للتخلص من (تبعات) مدنييِّ الإنقاذ؛ داخلياً… وإقليمياً… ودولياً..
*ولكنها أشواق تصطدم بمخاطر انكشاف غطاء السند الشعبي..
*أو طي أرضية الموالاة ؛ ليبقى النظام بلا غطاء يغطيه… ولا قاعدة يستند عليها..
*على الأقل في الوقت الحالي… حيث لا (بدائل) مضمونة..
*وهو الخطأ الذي قلنا أن نميري وقع فيه بعد أن بات الإسلاميون هم البديل المتاح..
*ثم تنكر لهم ليصبح نظامه في (السهلة)… بلا غطاء ولا أرضية..
*فالأمر ليس بالسهولة التي يظنها مبارك الفاضل حتى (ينطط من الفرح)..
*فـ(نطيطه) قد يجعله (ينط) من الكرسي… كما حدث سابقاً..
*والبراغماتية إن لم تصاحبها بوليتيكا قد تضر بصاحبها أكثر مما تنفع..
*ولعب البوليتيكا هذا هو الذي أنقذ به غبوش عنقه من المشنقة..
*وعدم لعبها من جانب مبارك سيكون (حبل مشنقته !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

