السوريون في السودان.. تفاصيل معيشية واستثمارية

بلغ عدد السوريين الذين هاجروا إلى السودان منذ بداية الثورة حوالي 100 ألف حتى عام 2016، إلا أن اللجنة المكلفة بوضع الترتيبات اللازمة لإغاثة الشعب السوري في السودان، أكدت استمرار تزايد اللاجئن السوريين هناك، نتيجة تفاقم الأوضاع في سوريا. في حين تعهدت السودان بمعاملة السوري معاملة المواطن السوداني دونما أي تفريق.

حقيقة المعيشة في السودان

على الرغم من تقديم الحكومة السودانية التسهيلات للسوريين في دخول أراضيها، إلا أن المعيشة فيها تختلف عمّا يروى على مواقع التواصل الإجتماعي. ارتفاع كبير في الأسعار بداية من إيجارات المنازل ووصولاً إلى المواصلات.

“أبو ماهر”، أحد المقيمين في السودان قال لـ “اقتصاد”: “يبلغ إيجار المنزل وسطياً في العاصمة السودانية الخرطوم 6000 جنيه في حين يبلغ سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني 34 جنيه تقريباً، أي أن الإيجار يصل إلى 175 دولار شهرياً. بالمقابل، لا يتعدى راتب العامل هناك 3000 جنيه أي نصف المبلغ المطلوب لدفع إيجار المنزل”.

ويصعب السكن والاستقرار في المناطق الشعبية بالمدن السودانية، نظراً لانعدام الخدمات فيها. يضاف إلى ذلك تكاليف المواصلات الباهظة التي تبدأ بتعرفة الركوب في “التكتك” أو ما يعرف بـ “الركشة” هناك، بـ 20 جنيهاً، ولا تنتهي بسعر واحد “أي أن التعرفة تعتبر مفتوحة”.

وأضاف “أبو ماهر”: “في حال أردنا الحديث عن تكاليف العلاج أو دخول المستشفيات فإن الدخول كحالة مستعجلة (إسعاف)، يكلّف حوالي 500 جنيه إضافة إلى عدم إعطاء أي دواء من قبل الصيدليات دون وصفة طبية رغم قلته إضافة إلى عدم وجود منظمات إغاثية أو إنسانية تدعم السوريين هنا”.

الاستغلال يلاحق السوريين

على غرار ما نشرنا في مقال سابق عن استغلال السوريين من قبل أرباب عملهم في تركيا، فإن الأمر مماثل في السودان.

أجور متدنية إضافة إلى عدم وجود حد أدنى للأجور تحدده الحكومة.

الاستغلال يبرر من أرباب العمل سواء كانوا سوريين أو سودانيين بوجود بديل دوماً، نظراً لنسبة البطالة المرتفعة.

“أبو ماهر” أكمل تصريحه قائلاً: “أرباب العمل هنا يعاملون العامل على أنه عبد وفي حال تقدم بأي شكوى كانت فإن الجواب حاضر دوماً (عملنا هكذا، أعجبك أهلاً وسهلاً، لم يعجبك فيوجد غيرك الكثير)، أو كما يقال باللغة العاميّة (الباب بيفوّت جمل)”.

الاستغلال يكون أيضاً بالتشغيل دون إعطاء العامل تأميناً صحيّاً في حال تعرضه لحادث أثناء العمل.

ونوّه “أبو ماهر” إلى أن القلة من العمالة السورية من تحظى بتأمين، لذلك فهم يُعتبرون محظوظين على غرار تركيا تماماً.

مشاريع استثمارية في السودان

وجود سوريين في السودان يعملون كعمال بأجور متدنية يقابله وجود رجال أعمال أسسوا مشاريعهم الخاصة في البلاد.

وتحدث “أبو ماهر” عن رؤوس الأموال المتواجدة والمشاريع الكبيرة التي أسسها السوريون في السودان: “تكلفة إنشاء مشروع مربح (مطعم مثلاً)، تبلغ حوالي 50 ألف دولار إلا أن المشروع سيكون ناجحاً بامتياز”.

بشير دياب، صاحب مطعم Dèlice بفرعيه في الخرطوم، والذي عمل لديه “أبو ماهر” مدة لا بأس بها، تحدث عن نجاح المشروع بشكل كبير على غرار غيره.

“أبو ماهر” أضاف بدوره، قائلاً: “يوجد في السودان مطاعم أسسها سوريون منذ الثمانينات كمطعم (البوابة السورية) الذي أسسه رجل أعمال حلبي الأصل، ومطعم (الفاخر) لمؤسسه الحموي الأصل”.

ينتمي رجال الأعمال أولئك إلى الفئة التي خرجت من سوريا عقب الحملة التي شنها حافظ الأسد على الإخوان المسلمين في تلك الفترة.

يذكر أن كافة السوريين المتواجدين على الأراضي السودانية بإمكانهم الحصول على حق الإقامة بمبلغ لا يتجاوز 100 دولار للسنة الواحدة بسبب التسهيلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة.

قصي عبد الباري – خاص – اقتصاد

Exit mobile version