في لوحة بعنوان الكابوس للرسّام هنري فوسيلي (1741- 1825)، تستلقي امرأة على ظهرها مستسلمة للنوم، يغطيها ثوبها الأبيض الحريري، يبدو المشهد حتى اللحظة عاديا، ولطيفا، حتى ننتبه إلى الكائن الرابض على صدرها، شيطان قبيح يجلس بهدوء فوق الفتاة دون حركة، ويحيط بهما ستار أحمر يظهر من ورائه رأس حصان أسود. لا يختلف مشهد لوحة الكابوس عن أفلام المخرج المكسيكي غييرمو دل تورو من حيث رؤيته للعالم من وراء الستار الأحمر للوحة بكل ما فيها من مزايا الجمال، وبكل عيوب القبح أيضا. (1)
يبرع دل تورو في تصوير الثنائيات، فعندما يتحدث عن الظلمة لا بد وأن يرينا النور أيضا، وإذا تكلّم عن الحزن وقسوته فلا بد للفرح ودفئه أن يكونا هناك، وإذا ظهر دل تورو متعاليا أحياناً فهذا لأنه متواضع أصلا! الأمر متعلق بشخصيته حتما، لهذا السبب كانت شخصيات دل تورو المفضلة هي الوحوش والكائنات الغريبة.
وحوش دل تورو تشبهه وتشبه أعماله إلى حد كبير، هذا التكامل في حضور الثنائيات كان منبعه الأساسي هو طبيعة “الوحوش” التي يحبها ويشعر معها بألفة. وحوشه بعيدة عن الموضوعية ولا بدّ أن هناك من ينتمون لعالم الوحوش الحقيقي يشتعلون غضبا لعدم مصداقية تمثيلهم في سينما دل تورو! فهو يدرك انّ قوّة الوحوش تكمن في بنيتها الجسدية الصلبة والمختلفة، مع ذلك فهو يعمد إلى تصويرهم دوما في أبهى حلّة ويضعهم في إطار بيئة حميمية قادرة على الانعكاس بحبّ شديد على المُتفرج مباشرة.
الجزيرة
