عباس الطرابيلي: مصر والسودان والتكامل الغذائى

أليس غريباً أن يكون حجم التبادل التجارى بين مصر والسودان يدور حول مليار دولار فقط.. بينما مصر تستورد معظم ما تأكل من دول بعيدة كل البعد عنا.. وهل يكفى أن نعلم بكم نستورد ما نأكل من قمح وذرة وزيت وفول وعدس وسمسم.. وغيرها من مواد غذائية نستوردها من كندا فى أقصى شمال غرب الدنيا أو من أستراليا فى أقصى جنوب شرق العالم.. بل أليس شاذاً أن نستورد لحوماً من نيوزيلندا وأستراليا فى الشرق ومن الأرجنتين والبرازيل فى الغرب، بينما يمكن أن نجد فى السودان كل ذلك وأكثر منه، خصوصاً أن اللحوم السودانية هى الأقرب إلى الذوق – والمذاق – المصرى.

ثم – ولما كنا دخلنا عصر الفقر المائى – لماذا لا نتفق مع السودان على زراعة القمح والأرز والذرة هناك – وليست عندهم مشاكل مياه مثلنا – بل يمكن أن يمتد هذا الفكر إلى إثيوبيا بأن نزرع قصب السكر هناك ونقيم صناعات لتكرير السكر هناك.. ولهم نصف الإنتاج ولنا النصف الثانى.. خصوصاً أننا نعلم أن قصب السكر من أكثر النباتات استهلاكاً لمياه الرى.

لقد أصبحت مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم.. ومن أكبر مستوردى الذرة سواء لإنتاج زيت الطعام أو لإنتاج العلف اللازم لمزارع البتلو ومزارع الأسماك وأننا – رغم كل ما يجرى تنفيذه لزيادة الإنتاج الزراعى – نحتاج إلى سنوات عديدة حتى نقلل من حجم ما نستورده من هذه الأغذية.

ولقد بات ضرورياً أن نفهم أننا، بسياسة حسن الجوار والمنفعة المشتركة، يمكننا الاتفاق على تخصيص ملايين الأفدنة – فى السودان- لزراعة ما يحتاجه شعب مصر.. ليعم الخير كلا الشعبين.. خصوصاً أن فى السودان مئات الملايين من الأفدنة.. بل يمكن أن نحول البلدين معاً إلى واحد من عمالقة العالم فى الإنتاج الزراعى.. وأيضاً لصالح الشعبين.

■ ■ وفى قضية اللحوم فإن ما لا يصلح للزراعة يمكن أن يصبح من أجود المراعى لتربية الأبقار والأغنام.. والجمال أيضاً.. وما أسهل أن يتم تصدير هذه اللحوم: حية، أو مبردة، أو مجمدة عبر النقل النهرى فى النيل وأيضاً عبر البحر الأحمر ليس فقط فى المواسم.. ولكن على مدار العام.. وفى ارتفاع أسعار اللحوم داخل مصر ما يغطى ويغرى بإنشاء المراعى والمجازر.. والتربية.

■ ■وفى مجالات التكامل الغذائى نجد الكثير مما يمكن تنفيذه فى البلدين، مستخدمين نظام التبادل التجارى وانتصاف الأرباح.. فضلاً عن توفير فرص عمل هائلة لأبناء الشعبين.. فى عمق البلدين وليس فقط فى المناطق الحدودية.. الملتهبة أو على وشك الاشتعال.

■ ■ نقول ذلك ونحن نعرف مزايا هذه الحريات الأربع التى تم الاتفاق عليها – ومن سنوات عديدة – بين القاهرة والخرطوم، ومنها حرية التملك وحرية التحرك.. وبالطبع حرية العمل.

تعالوا ننفذ ذلك – وغيره – مستفيدين من تلك الروح الجديدة التى تأكدنا منها مما قاله الرئيس السيسى.. والرئيس البشير.

فذلك هو الأفضل للشعبين، وتحيا مصر والسودان من جديد وأبداً.

عباس الطرابيلي
المصري اليوم

Exit mobile version