وانطفأت شمعة الدبلوماسية السودانية

ببالغ الحزن والأسى تنعي الدبلوماسية السودانية أحد فرسانها البروفيسور غندور.
إستقبل الشعب السوداني على اختلاف أطيافه خبر إقالة البروف غندور بشيء من الأسى وبعض من الغضب.
على مدار سنوات عمله في الحزب ومن ثم في الخارجية ، نال طبيب الاسنان غندور كل الاحترام من الشعب السوداني لما لمسه فيه من صدق وزهد وعفة يد.

لم يجرؤ أحد على وصفه أو دمغه بما يدمغ به عامة الشعب بقية المسؤولين ..وهذا يدل على مدى بعد الوزير السابق عن مواقع الفتنة وعن تصريحات الإستفزاز التي يلجأ لها بعض أعضاء النظام الحاكم مرة بحكم الديكتاتورية ومرة بحكم خواء أدمغتهم وعدم تقبلهم للرأي والراي الآخر.

توقع الكثيرون منا خبر إقالة الوزير بعد تصريحاته النارية أمام البرلمان الذي يتكون جله من أعضاء الحزب الذين يصفقون لكل قرار ..وبقية الأعضاء تم تعيينهم بقرار جمهوري بعد ما سُمي بالحوار الوطني.

إنتقاد إدارة بنك السودان المركزي وعدم إنصياعها لتوجيهات الرئيس ونائبه ، حمل في باطنه رسالتين واضحتين:
الأولى هي أن الحكومة في موقف لاتحسد عليه و هي تعجز حتى عن سداد قيمة إيجار قنصلياتها في الخارج ناهيك عن مرتبات السفراء والعاملين في الخارج .

والرسالة الثانية هي التي ربما عجلت برحيله وهي التعامل مع توجيهات رئاسة الجمهورية بلا مبالاة . ورغم أن هذه ليست المرة الأولى التي يشتكي فيها مسؤول أو مواطن من عدم وضع توجيهات الرئيس ونوابه موضع التنفيذ فالأمر قديم ولو تذكرون في بداية الألفية حين كانت توضع رسوم عبور على الطرق و جاءت توجيهات الرئيس بإزالتها ولم تتم إزالتها؟؟

غندور بدا يائسا وغير راغب في الاستمرار ربما منذ تفجر أزمة مابعد رفع الحظر حين أنكر القصر دور الخارجية في رفع العقوبات و قام بإعطاء المدح للأجهزة الأمنية ولمدير مكتب الرئيس السابق!

كان من الأفضل قبول إستقالة السيد الوزير منذ شهر يناير بدلا عن إقالته بصورة غير كريمة ، ليس لشيء إلا لأنه لم يستطع السيطرة على نفسه و هو يرى موظفي وزارته وأسرهم في الخارج يكابدون الأمرين.

إقالة البروفيسور غندور ستحمل معها عدة آثار سالبة ومنها فقط على سبيل المثال هي مدى إستجابة السوق السوداء لكلماته عن جفاف خزائن بنك السودان من العملات الحرة وبالتالي ربما يحدث إرتفاغ ملحوظ في سعر العملة يوم السبت فاتحة أيام الأسبوع .

كذلك ستسهم هذه الإقالة في تكميم الأفواه التي هي أصلا مكممة وأقصد هنا بقية الوزراء الذين لن يجرؤ أحدهم على النطق بكلمة بعد الآن.
أما أكثر الآثار السالبة التي حتما ستأتي فهي حدوث عزلة دولية مجددا للسودان بعد رحيل خير من جلس على كرسي الوزارة في السنوات الثلاثين الماضية في تقدير الكثيرين.

أحمد المبارك
الولايات المتحدة

Exit mobile version