بعد 32 سنة من أسوأ كارثة نووية.. هذه مأساة تشيرنوبيل

يصادف اليوم الخميس 26 إبريل، الذكرى الـ 32 لواحدة من أسوأ الكوارث التي صنعها الإنسان في تاريخه، وهو الانفجار الذي وقع في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في شمال أوكرانيا، الذي حوّل “بريبيات” المزدحمة في السابق، إلى مدينة أشباح وحيث باتت تعرف بهذا الصفة “مدينة الأشباح”.

ويعتبر مصنع تشرنوبيل، الذي يسمى باسم فلاديمير لينين في الحقبة السوفياتية، أول محطة للطاقة النووية على الإطلاق بنيت على التربة الأوكرانية.

قصة المفاعل
بدأ إنشاء المحطة في عام 1970 وبعد سبع سنوات دخل أول مفاعل حيز التشغيل، وبحلول عام 1983 كانت المفاعلات الأربعة الخاصة بالمصنع تنتج حوالي 10 بالمئة من كهرباء أوكرانيا.

وبينما كان المصنع قيد الإنشاء فقد شيدت الحكومة السوفيتية أول بلدة ذرية تضم العمال وعوائلهم، وذلك قبل وقوع الكارثة، وحيث نشأت مدينة بريبيات التي تأسست في 4 فبراير 1970 كمدينة نووية مغلقة والتاسعة بالاتحاد السوفيتي.

وقد كان عدد سكان المدينة يوم وقوع الكارثة في 26 إبريل 1986 حوالي 50 ألف نسمة، هم مختصون وعمال وأسرهم يعملون في المحطة النووية، واليوم تمثل بريبيات صورة لوحشية العصر النووي.

ليلة الانفجار
في ليلة 25 إبريل 1986 بدأ مجموعة من المهندسين في المحطة، بالمفاعل رقم أربعة، تجريب أجهزة ومعدات جديدة، ولم يكن أحد يتوقع أن هذه الليلة لن تمر بسلام.

كان المهندسون في حاجة لتقليل قدرة المفاعل النووي، لإنجاز عملهم، لكن نتيجة سوء تقدير، انخفض الناتج إلى مستوى حرج، مما أدى إلى توقف كامل تقريبًا لعمل المفاعل.

تم اتخاذ قرار على الفور لزيادة مستوى الطاقة، ومن ثم بدأ المفاعل يسخن وترتفع درجة حرارته بسرعة، وبعد ثوانٍ قليلة وقع انفجاران كبيران.

وعملت الانفجارات على تدمير قلب المفاعل جزئيًا، مما أشعل حريقًا استمر لمدة تسعة أيام.

وأدى ذلك إلى إطلاق الغازات المشعة والغبار النووي، في الهواء فوق المفاعل، ما شكّل سحابة هائلة في السماء انطلقت باتجاه أوروبا.

وقدر حجم المطرود من المواد المشعة للغاية، بحوالي 150 طنا ارتفعت في الغلاف الجوي، ما أدى إلى تعريض الناس للإشعاع بنسبة 90 مرة أكبر ما حدث في قنبلة هيروشيما الذرية باليابان.

ما بعد الكارثة
كان يوم 26 إبريل قاسيًا ومروعًا، وفي يوم 27 بدأت إجراءات الإجلاء للسكان التي استمرت لمدة ثلاث ساعات، حيث تم نقل 45 ألف شخص إلى أماكن مجاورة، بعيدًا عن الأثر المباشر، وأعقبهم اضطرار 116 ألف شخص على مغادرة المنطقة والمناطق المجاورة.

وقد ساعد حوالي 600 ألف شخص من جميع الجمهوريات السوفيتية السابقة في عمليات الإخلاء.

وعقب الكارثة مباشرة تم الإبلاغ عن وفاة 31 شخصًا، فيما لحقت آثار الإشعاع الضارة الأكثر تركيزًا بحوالي 600 ألف شخص، وقد تلقى أعلى الجرعات من الإشعاعات حوالي ألف عامل طوارئ خلال اليوم الأول من الكارثة.

وفي المجموع فإن حوالي 8.4 مليون مواطن من روسيا البيضاء وروسيا وأوكرانيا كانوا قد تعرضوا للإشعاع.

ووفقاً لاتحاد تشيرنوبيل الأوكراني، فقد قُتل حوالي 9000 شخص جراء الآثار المترتبة عن الكارثة من أمراض مزمنة كالسرطانات، في حين أن الإعاقة لحقت بـ 55 ألف نتيجة هذه المأساة.

بعد الانفجار بقليل، تم إنشاء منطقة استبعاد يبلغ نصف قطرها 30 كيلومترًا (17 ميلًا)، كما بنى العمال في أعقاب الكارثة مباشرة، درعًا مؤقتًا فوق المفاعل المدمر، والذي أطلق عليه التابوت.

ومع مرور الوقت، تدهور هذا التابوت الحجري، وفي عام 2010 حيث بدأ بناء حاجز جديد، لمنع المزيد من التسرب في المفاعل المعطل.

ولكن في الآونة الأخيرة تم تعليق العمل على الدرع وسط الأزمة في أوكرانيا.

المحاكمة
في 7 يوليو 1987 جرت محاكمة ستة مسؤولين وفنيين سابقين في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية، بتهمة الإهمال وانتهاك أنظمة السلامة.

وحكم على ثلاثة منهم: فيكتور بروييهوف – مدير محطة تشرنوبيل السابق، ونيكولاي فومين – كبير المهندسين السابقين وأناتولي دياتلوف – نائب رئيس المهندسين السابق، بالسجن لمدة 10 سنوات.

يوم دولي
تم إغلاق المفاعل الأخير في تشرنوبيل بشكل دائم بموجب مرسوم من الحكومة الأوكرانية في عام 2000.

ومن المتوقع أن يتم إيقاف تشغيل محطة الطاقة التالفة تمامًا بحلول عام 2065.

وفي ديسمبر 2003 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 26 إبريل يومًا دوليًا لإحياء ذكرى ضحايا الحوادث الإشعاعية والكوارث.

العربية

Exit mobile version