كعك العيد .. حلوى تسعد البسطاء

عندما تشدو المطربة المصرية شريفة فاضل أغنيتها الشهيرة “تم البدر بدري” بشاشات وإذاعات مصر، إيذانا بقرب انتهاء شهر رمضان المبارك، تشهد الأسواق إقبالا كبيرا لدى بسطاء وأغنياء البلاد على شراء مستلزمات عيد الفطر الذي يحل خلال أيام.

ويعد “طبق الكعك” من أبرز مستلزمات العيد لدى المصريين، لا سيما كونه وجبة رئيسية صباح أول أيام العيد، مع ما يضمه الطبق من صنوف أهمها الكعك والغُريبة (مخبوزات شرقية)، والبسكويت، والبيتي فور (مخبوزات غربية الأصل).

وفي أجواء ريفية بسيطة وسط مصر، ينهمك عمال مخبز بسيط في إعداد كعك عيد الفطر بأسعار تقل عن نظيرتها في متاجر المدن التي يقول مصريون إنها تسجل أرقاما مرتفعة هذا العام.

والكعك في مصر عادة ضاربة في القدم، حيث تشير معلومات تاريخية أن زوجات الملوك في مصر القديمة اعتدن تقديمه قربانا للكهنة في يوم تعامد الشمس على قمة الهرم يوم الاعتدال الربيعي 21 مارس / آذار، وذلك بخلاف ظهوره بشكله الحالي في الدولة الطولونية (868 ـ 904م)، وعهد الفاطميين (909 ـ 1171م).

** في متناول الفقراء

في مخبز بإحدى قرى محافظة الفيوم (وسط)، ينهمك الثلاثيني، الشيف عبد الحليم، صاحب المخبز وفق مشاهدات مراسل الأناضول، في متابعة مجموعة من العمال حول آلة عجين لخلط الدقيق بمقادير أخرى، في بداية الاستعداد لإعداد الكعك والبسكويت.

البسمات تعلو وجه أحد العمال، الذي يبدو كأنه يتذكر فرحة العيد، وهو يحمل عجين الكعك لنقله لمكان آخر داخل المخبز المحلي المتواضع، من أجل إضافة مقادير أخرى بينها السمن، وبدء تقطيعه لكرات صغيرة تتحول فيما بعد لأقراص دائرية يتم نقشها.

النقش بعد عمليتي العجن والتجهيز، يتم عبر لوح خشبي به أسلاك معدنية متقاطعة الخطوط، يضعه العامل على قرص الكعك العجين، وما يلبث أن تنطبع خطوطه لتشكل الشكل المعتاد للقرص، قبل أن تمتلئ صيجان حديدية بكميات الكعك إيذانا بوضعها في فرن نار مجهز لذلك.

يقطع أجواء مشاهدة بهجة تصنيع العمال لكعك العيد، أحد المسؤولين بالمخبز وهو الثلاثيني ربيع رمضان، متحدثا عن أسعار تبدو بسيطة للغاية في هذا الريف المتواضع وسط مصر.

يقول رمضان: “يقدر سعر كيلو الكعك لدينا بـ 30 جنيها (أقل من دولارين اثنين)، والبسكويت 35 جنيها، والبيتي فور 75 جنيها (نحو 4 دولارات)”.

ويضيف أن بعض النساء يأتين بالكعك جاهزا إلى المخبز فقط لـ “تسويته” (إنضاجه في النار)، مقابل 9 جنيهات (أقل من نصف دولار) عن كل صاج (وعاء مستطيل صمم خصوصا لحمل الأطعمة المراد تسويتها في الأفران الكبيرة) نظرا لقلة الإقبال هذا العام وتراجع الكميات مقارنة بسعر 8 جنيهات العام الماضي.

وقال الجهاز المركزي للمحاسبات (رسمي) في آخر بيانات معنية، إن نسبة الفقراء بمصر زادت من 25.2 % في عام 2010 / 2011، لتصل إلى 27.8 % في عام 2015.

** غلاء المدن

على عكس مخبز الشيف عبد الحليم، تعج المدن لا سيما بالقاهرة الكبرى (تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية)، بمحلات حلوى شهيرة، وهناك يضاف للكعك مكسرات وإضافات أخرى تجعل سعره مرتفعا.

وتراوح أسعار الكعك السادة والمحشو بالعجوة في تلك المحال وفق تقارير محلية بين 95 جنيها (نحو 5 دولارات) و195 جنيها (نحو 11 دولارا)، والكعك بالمكسرات بين 140 جنيها (نحو 8 دولارات) وحتى 340 (نحو 19 دولارا)، فيما يراوح سعر البسكويت بين 85 وحتى 230 جنيها (نحو 13 دولارا)، ويبدأ سعر البيتي فور من 100 وحتى 145 جنيها للكيلو (نحو 8 دولارات).

** “كل واشكر”

ووفق مشاهدات مراسل الأناضول، تزدحم متاجر بالجيزة والقاهرة بمواطنين راغبين في شراء طبق الكعك في عبوات جاهزة.

ومن المتوقع وفق باعة أن يزداد الزحام خلال الأيام القليلة المتبقية من شهر رمضان المعظم.

ولسنوات طويلة سابقة كان من عادة المصريين صناعة طبق كعك العيد بالمنزل، حيث تجلس الأم بجوار أولادها وجيرانها وأقاربها حول طاولات خشبية، لساعات طويلة وسط أجواء بهجة خلال العجن والنقش والتسوية على نار هادئة في فرن منزلي أو فرن المخبز.

إلا أن عادة التجهيز المنزلي تراجعت كثيرا في مصر، مع شكاوى المصريين من ارتفاع أسعار خامات الكعك، وفق تقارير محلية، وباتت الأسر الفقيرة مضطرة إلى البحث عن محال أو مخابز أسعارها في المتناول لشراء ما تيسر من الكعك الجاهز.

ويحتوي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة على قوالب خصصت لنقش أصناف الكعك منها ما هو مكتوب عليه عبارات مثل: “كل هنيا” و”كل واشكر” و”كل واشكر مولاك” و”بالشكر تدوم النعم”.

مصراوي

Exit mobile version