معتز هل يصبح مهاتير السودان؟

تفاءلت خيراً بتعيين الأخ معتز موسى رئيساً للوزراء والذي تعرفت عليه عن كثب خلال الأعوام الأخيرة فوجدته يتمتع بشخصية لا تملك إلا أن تحترمها.. متواضع، خدوم، ذو كفاءة عالية وفوق ذلك – ولا أزكي على الله أحداً- سمعت الكثير عن زهده وورعه وتدينه وترفعه عن الصغائر والصراعات الجانبية، سمح في القول والتعامل مع الآخر و يمتاز بدرجة عالية من التهذيب وحسن الخلق والإحساس بالمسؤولية والمتابعة اللصيقة لمشاكل المواطنين وقد كفاني ما كتبه أحد المواطنين لم تكن له صلة بالأخ معتز حول مشكلة الكهرباء بمنطقتهم حين أرسل له رسالة عبر الموبايل فكانت استجابة الوزير سريعة جداً عكس وزراء ومسؤولين آخرين لا يقرأون الرسائل ولا يتفاعلون معها.

إختيار معتز لرئاسة الوزارة اختيار موفق من عدة أوجه أولها ما ذكرته أعلاه. ثانياً فهو من جيل الشباب الذي يشكل اليوم سبعين في المائة من الشعب السوداني وآن أن تعهد إليه قيادة البلاد في الفترة القادمة بعد أن عجزت وفشلت الأجيال السابقة التي تخرجت عقب الاستقلال منذ الخمسينات والستينات وأخيراً بواكير السبعينات مثلنا، فشلت في إدارة البلاد وممارسة السياسة والحكم على الوجه وبمسؤولية لنخرجنا من النفق المظلم الذي أدخلنا بلادنا فيه مارسته جميع الأحزاب والكيانات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أضاعت وقتنا في المشاحنات والصراعات والمكايدات بل الوقوع في الأجندة الأجنبية بسبب العمل المسلح من الخارج حتى تشظت أحزابها وشاخت زعاماتها، فهل يا ترى يصبح الأخ معتز مثل مهاتير الذي قاد بلاده نحو الاستقرار والسلام والوحدة الوطنية والازدهار الاقتصادي من خلال حسن إدارته للتنوع والدولة عبر التبادل السلمي للسلطة عبر الانتخاب لا الاحتراب؟ by ballot not by bullet.

رغم قصر المدة المتبقية لمعتز حتى العام 2020 ولكن إذا استطاع خلالها أن يقنع المواطن بأنه جاء بمنهج وعقلية جديدة منفتحة لا السائدة وقام بإنجازات واضحة فسيقدمه الناس مرة أخرى ليكمل فليس لدى معتز عصا سحرية ولكن مجرد إحساس الناس بأن تقدماً يجري فهذا هو المطلوب..

ليحدث معتز التغيير المطلوب ويتعيَّن على القيادة السياسية أن تعطيه صلاحيات كافية وحقيقية بدءاً من اختيار طاقمه الوزاري لتغيير السياسات والعقلية الحالية سياسياً واقتصادياً، فسياسياً لا بد أن يتغير المناخ والحاضن والإطار السياسي الحالي بإتاحة مساحات واسعة من إشراك أهل الكفاءة والخبرة والأمانة لتحقيق التوحد الوطني والسلام بديلاً للمحاصصة والولاء الضيق ممثلاً في أهل الولاء والثقة الذين أفشلوا تجربة الإنقاذ. فلا بد من إطلاق الحريات خاصة حرية الصحافة والتعبير من أجل المشاركة الحقيقية وكفاية ما يحدث من مصادرة للرأي والصحف.

في الجانب الاقتصادي لا بد أن تتغير العقلية الاحترازية في التعامل مع أهل الكسب والصنائع والأعمال وتنتهي هذه السياسات الاقتصادية الانكماشية لتنطلق العقول والطاقات لبلد غني جداً كالسودان وليس فقيراً كما نتوهم فنعتمد على المعونات والتسول والقروض، والأفضل هو الاعتماد – بعد الله سبحانه –على أنفسنا فلدينا موارد وثروات بل أموال نقدية هائلة داخل وخارج السودان ولكن لعدم توفر الثقة والتذبذب في السياسات – ومعظمها قاصر – وتحجيم الطاقات صرنا في هذه الوضعية الاقتصادية البائسة وربما انهيار البنوك بل الاقتصاد برمته..

ليوفق الله الأخ معتز.. وأنصحه بعدم دمج وزارتي البترول والمعادن فكليهما استراتيجيتان ومتطورتان والأوفق دعمهما فلا نرجع للوراء حتى لا نعطي للمستثمرين رسائل خاطئة وطاردة.

بقلم
محجوب عروة
التيار

Exit mobile version