صراع حقوق الإنسان الحكومة والمعارضة ..رهان على قوة الإقناع

جدل يتعالى في سبتمبر من كل عام، عندما تنتقل معركة المعارضة والحكومة لتعرض على طاولة اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف بين شد الحكومة الهادف للخروج من إجراءات المجلس التي يفرضها على السودان منذ ربع قرن من الزمان، وجذب المعارضة التي تشد النظام الى إجراءات أكثر تشدداً في التعامل في ملف حقوق الإنسان خاصة بعد أن أفلحت الحكومة في الخروج من البند الرابع القابل لفرض رقابة لصيقة ربما تقود لفرض عقوبات عليها إلى البند العاشر المختص بتقديم الدعم الفني للحكومة.

الجدل هذا العام بدأ مبكراً بين الحكومة وبين المعارضة متمثلة في قوى نداء السودان، سيما وأن الحكومة كانت ترتكز على عدد من النقاط الإيجابية التي أحرزتها خلال العام المنتهي على نسق التوسع في مكافحة تهريب البشر وجمع السلاح في دارفور فيما ترتكز على بعض القضايا الكبرى على شاكلة استمرار القتال في بعض المناطق من دارفور.

أهداف معلنة

يقدم الخبير المستقل لحقوق الإنسان أرستيد نونوسي تقريره في إطار أعمال الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان، وقد احتوى القرار بحسب مصادر رفيعة تحدثت لـ(الصيحة) على إشادات بالسودان بسبب استضافته ملايين اللاجئين وجهوده في مكافحة الاتجار في البشر، وربما ذلك ما جعل الخرطوم تضع الخروج من البند العاشر وإلغاء دور الخبير المستقل وحصر العلاقة مع مجلس حقوق الإنسان في تقديم المساعدات الفنية وبناء القدرات هدفاً معلناً غير أن هذا الهدف يقابله هدف المعارضة المعلن وهو إعادة السودان للبند الرابع استناداً على فلاح مناوشات المعارضة خلال الدورة السابقة والاتصالات التي أجراها تحالف نداء السودان وقيادته حملة إعلامية مكثفة أدت لتراجع أطراف إقليمية ودولية من إخراج السودان من البند العاشر.

تحركات الحكومة

ويبدو أن الحكومة أعدت نفسها جيداً هذه المرة، فقد عملت على صياغة مشروع قرار ودفعت به ليقدم عبر المجموعة الأفريقية من خلال دولة توغو يطلب إنهاء ولاية الخبير المستقل واستبداله بآلية بفتح مكتب بالخرطوم للمفوض السامى لحقوق الإنسان مما يعني خروج السودان من بند الاجراءات الخاصة كدولة منتهكة لحقوق الإنسان والاعتراف من المجلس بتحسن حالة حقوق الإنسان في السودان، وتم تقديم مشروع القرار، وأديرت حوله العديد من ورش العمل خاصة ورشة الأربعاء الماضي التي شهدتها العاصمة السوسرية جينيف والتي أدير فيها نقاش مستقيض حول القرار وشارك في النقاش د. مصطفى عثمان إسماعيل بصفته ممثلاً للدولة المعنية وقدم مرافعة متكاملة حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان وترحيب السودان بأي قرارات من شأنها مساعدة السودان في الخروج من بند الإجراءات الخاصة بلا تسييس ولا ازدواجية معايير.

جهود المعارضة

وفي المقابل، فقد كثفت المعارضة جهودها ودفعت بعدد من الوفود خاصة قوى نداء السودان التي دفعت بوفد عالي المستوى لجنيف للمشاركة في الاجتماعات برئاسة ياسر عرمان ومني أركو مناوي يحملون أجندة مشاركتهم المعلنة آنفاً والتي تأتي لحث أعضاء المجلس لإصدار قرار ضد السودان يعيده للبند الرابع، واستمالة عدد من الدول للفت انتباه المجلس إلى الانتهاكات التي تحدث في السودان، فقد عبر رئيس الوفد ياسر عرمان في مقال نشره على مواقع التواصل الاجتماعي عن مدى إحباطه من مشروع القرار الأفريقي والذي تمت صياغته بواسطة السودان وبريطانيا، مشيراً إلى أن القرار احتوى على مكاسب عديدة للسودان، وأنه أسوأ قرار منذ ربع قرن من الزمان، وهو ما يعني أنه أفضل قرار لحكومة السودان منذ دخول ملفها مجلس حقوق الأنسان في العام 1993.

آمال ضد القرار

وربما كادت جهود المعارضة أن تفلح خاصة مع تبني المجموعة الأوربية وبريطانيا مشروع قرار أعدته قوى نداء السودان، فقد جاء في بيان له أمس الاول إعلان وفد نداء السودان مواصلة لقاءاته بأعضاء المجلس لحشد تأييدهم ضد الحكومة وأكد لقاءهم بممثلي كل من النرويج وهولندا، ووفد من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن قبلهما كان قد التقى بمندوبة الاتحاد الأوروبي في إطار اللقاءات التي استمرت طوال هذا الأسبوع والتي شملت عددا من الدول والمنظمات، وتفاكر معهم حول مشروع القرار البديل الذي أعده نداء السودان الأمر الذي وصفه البيان بأنه أحدث أثراً إيجابياً في التعبئة ضد مشروع القرار الذي طرحته دولة توغو لدرجة أن مندوب السودان د. مصطفى أبدى استعداده لإدخال إصلاحات حول مشروع توغو.

فشل المحاولات

ويرى عضو البرلمان، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق بالمجلس الوطني د. محمد مصطفى الضو في حديث لـ(الصيحة) إن تحركات المعارضة لن تؤثر في قرار مجلس الأمن باعتبار أن هناك شواهد كثيرة تؤكد تحسن ملف حقوق الإنسان، وقال إن المعارضة دوماً ما تحاول الاصطياد في المياه العكرة، وتعمل “زوراً وبهتاناً” لتشويه صورة السودان في ملف حقوق الإنسان معتبراً أن ما تقوم به المعارضة محاولة لتسييس قضايا الشعب، لافتاً إلى أن السودان يمر بمرحلة تخلق جيدة تتطلب من الجميع العمل على الاستفادة منها.

ويشير الضو إلى أن المجتمع الدولي لن يلقي آذاناً صاغية للمعارضة باعتبار أن صورة السودان تعدلت كثيراً لديه عن السابق، خاصة بعد أن عاد السودان لاعبًا أساسيًا في قضايا محيطه الإقليمي وعمله على استقرار الإقليم جميعاً، فضلاً عن جهود السودان في إحلال السلام في دارفور ونجاحه في جمع السلاح ، فضلاً عن الدور الكبير الذي يقوم به في مكافحة الاتجار بالبشر، موضحاً أن المجتمع الدولي يريد للسودان أن يلعب الآن دوراً مغايراً لما لمسه من جدية السودان في كل القضايا التي أمسك بأطرافها مستبعداً أن تنجح المعارضة في جر السودان للبند الرابع من جديد.

لقاء الإخوة الأعداء

من جنيف أكد أمس مصدر مطلع لـ(الصيحة) أن المعارضة والحكومة ربما تلاقيا في منتصف الطريق مستدلا بعقد جلسة بين المندوب الدائم د. مصطفى عثمان ورئيس وفد نداء السودان ياسر عرمان أمس وإن كان المصدر لم يكشف عن كنه ما دار بينهما إلا أنه أكد أن اللقاء من شأنه أن يقود إلى تفاهمات بين الجانبين تقود إلى ما هو أبعد من اجتماعات مجلس حقوق الإنسان.

صحيفة الصيحة.

Exit mobile version