في معظم المحافل التي جلست فيها الحكومة، كانوا يحدثونها عن سبتمبر وشهداء سبتمبر.
هو الكرت الذي استُخدم ضدها لسنوات عديدة من بعض الحكومات الغربية والمنظمات وكذلك المجتمع الدولي.
يقول أحد المسؤولين في جلسة خاصة جمعتنا به، “قبل أن نجلس بارتياح، يسألوننا؛ هل حاسبتم من قتل أبرياء احتجاجات سبتمبر؟”.
يجيب المسؤول متسائلاً: “وكأننا فقط من نتعامل مع المحتجين بعنف؟ فالدول الأوروبية نفسها كانت تضرب وتعتقل المخربين”؛ لكنه استدرك حديثه قائلاً: “لم نستطع قول ذلك لهم، لكننا كنا نحول الموضوع إلى أدوار السودان الإيجابية في مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر”.
خلال خمس سنوات، كانت ذكراهم تُحيا بالصلوات والدعوات، وبالصور والملصقات، وكذلك بالضغط الغربي وتقديم المتورطين.
يُشير مدير الجهاز صلاح عبد الله في تنويره الأخير، إلى أن الأمن لا يتدخل في فض المظاهرات إلا بطلب من الشرطة، وأن الأخيرة اضطرت إلى استخدام الرصاص عندما اقتحم المتظاهرون مركزهم.
لكن ما هو متبع عادةً، أن السيطرة على أعمال التظاهر – إن كانت تخريبية وعنيفة – توكل لأكثر أفراد الشرطة تدريباً وخبرة في استخدام السلاح، بحيث لا يوجهون رصاصهم إلى بريء أو أعزل، ولا يتسببون في قتل أفراد، إنما يتعمدون “إصابتهم” فقط، حال اضطروا إلى ذلك.
فعبارة “رصاص طائش” لن تشفي غليل أمٍ أو أب، ولن يقبلها صديقٌ أو عدو.
لا بد أن يكون مشهد سبتمبر وتداعياته حاضرة أمام الدولة والأجهزة المختلفة، فقتل البريء ليس بالشيء الهين.
الأزمة الآن، ليست في استمرار دعم الخبز أو الوقود، إنما بفقدانه الثقة بأي معالجات قادمة.
والمواطن لا يثق، لأن الشعارات التي رُفعت في محاربة الفساد ودعم الإنتاج وتشجيع الصادر وحل أزمة السيولة وتوفير الدواء، لم تتحقق وتصل إلى نهاياتها المرجوة.
إن كانت الحكومة تقول إنها تفهم غضب الشعب، فعليها أن تقدر غضبه، وتقلل عنفها تجاهه.
وها هي الأحداث تتسارع، وأعين العالم مفتوحة تتابع ما يدور لحظةً بلحظة.
القنوات الفضائية تنقل المشهد العام وفق سياساتها، والشائعات تتنقل بين مجموعات “واتساب” وصفحات “فيسبوك”، رغم إغلاق التطبيقين من قبل الجهات المعنية وكسر حظرهما من قبل الشارع! في هذا الوضع المشحون لا بد من الحذر قبل وقوع الحدث، ولفت الأنظار والندم بعد ذلك.
بقلم
لينا يعقوب
السوداني
