ضياء الدين بلال: رغم علم “عثمان” بأنني لا أنتمي للمؤتمر الوطني ولا لحركته الإسلامية، ويتهمني بعضهم بالشيوعية.. قاطعني وحظرني على فيسبوك

خنجر عثمان!
(1)
هي الدّنيا والمواقف تكشف لنا معادن الأشياء، تُزيل الغشاوة وتَرفَعُ الحُجُب، وتُجلِي الحقائق، فبصرك اليوم حديد. (صديقنا) عثمان فضل الله، تَجمعنا به كثيرٌ من الصلات والمواقف والذكريات والخبز واللبن، عَمِلَ مَعنا في الصحافة الحالية إلى أن أصبح مدير تحرير، واقترب من صحيفة الرائد الناطقة باسم الحزب الحاكم، عَمِلَ طوال عشرين عاماً وفق شروط الوضع الراهن ما بَينَ قبض وبسط الحريات، نُصَادَر ويُحقَّق معنا ونُحرم من الإعلانات ثم نَعود.

(2)
لم يحتج يوماً أو يغادر موقعه مغاضباً، على تجاوزات النظام على طول البلاد وعرض الزمن ، حينما غادر موقعه من الصحيفة لا بسبب حرب دارفور والرقابة الأمنية، فهو عَمِل مع الأستاذ أحمد البلال في العشرية الأولى للإنقاذ، أيَّام بيوت الأشباح وكتائب الدفاع الشعبي، كان صحفيَّاًَ مهنيَّاً لا يُشقُّ له غبار ولم يجف له حِبْر في ديسكَات الأخبار؛ غادرنا لأنه حاول أن يفرض علينا قرار بفصل كاتبٍ بالصحيفة، وهو حسين ملاسي، عثمان أصر على توقيف ملاسي من الكتابة، لأنه انتقد الصحيفة في نقاشات بموقع سودانيز أون لاين، وكان رأينا:( كما من حقنا نقد الآخرين علينا قبول نقدهم) .. فكانت كلمة عثمان: (يا انا، يا ملاسي في الصحيفة)، وحينما لم نستجب قدم استقالته وغادر، ورغم ذلك لم تنقطع صلتنا ولم يَجفّ نبعُ وُدِّنا، وفي آخر زيارةٍ لي لدولة الإمارات كنت معه بشقته العامرة ؛ فهو كريم أخو أخوان وصاحب وُد عريض ولكنها حمى الثورة!!

(3)
في نوبةٍ ثوريةٍ لم تكن مُفَاجِئة بالنسبةِ لي، تَعوُّدتها منه في مرات، قَرَّرَ عثمان بصورة درامية معلنة على صفحته، إلغاء صداقتي الإسفيرية، قال لي بعض الاصدقاء انه راغب في شحنِ بطاقتِهِ السياسيَّة على حسابي، لعلَّها تضئ له وتصبح أسهُمَه الأولى في جحافل الثورة القادمة. لم يفعل عثمان ذلك لأنني كنتُ ضمنَ القنَّاصين أو الربَّاطية، لم يفعل ذلك إلا لأنني قلتُ رأياً يخالف رَأيه، فهو كما لم يحتمل كاتباً في صحيفة لأنه عَبَّر عن رأيه، فلم يحتملني لأنني خالفته الرأي، تُرى كيف لمن لم يحتمل شخصاً مُخالفاً في صفحته على (فيسبوك) أن يحتمله في وطنٍ، من المفترض أن يسع الجميع، تحت شعار (حرية سلام وعدالة) ؟.

(4)
لماذا اختارني عثمان بأطراف أصابعه -وأنا البعيد منه نسبياً- من ضمن قائمةٍ طويلةٍ تضمُّ أقاربه من الدرجة الأولى، وهم في الصفوف الأمامية للحكومة، بعضهم بالقصر الجمهوري؟.. كان عليه أن يبدأ بهم، حتى يكون متَّسقاً أخلاقيَّاً مع نفسه، أن يقاطع الجميع بشكل معلن، كما فعل معي، رغم علمه الصميم بأنني لا أنتمي للمؤتمر الوطني ولا لحركته الإسلامية، ويتهمني بعضهم بالشيوعية، ولا يوجد وَد مَقَنَّعة يستطيع أن يفرض عليَّ أن أقول أو أفعل، ترغيباً أو ترهيباً، ما ليس قناعتي؛ أمتلك قلماً مستقلَّاً، يُشرِّفني ويُشَرِّف بناتي من بعدي، اقاتل واصالح به بشرف، وكما قال منصور خالد: (اعطس بانف شامخة في وجوه المغرضين) ، لم أكتب حرفاً أندمُ عليه أو أستحي منه أمام محكمة التاريخ.
-أخيراً-

إنه أوان المزايدات والتسابق على بطولات الثلج، وحجز المقاعد بالأحذية في القطار ، والصعود على الأكتاف للظهور والهتاف، إنهم الإقصائيُّون الجُدد، اليوم المنابر سوق و البضاعة الوطن ، إنه أوان التنكُّر للأصدقاء وطَعنِهم في الظهر على حينِ ثورة، ألم يَقُل عاطف خيري: أجمل النَّاجين من الذبح صار يعبد خنجراً،

والرجال على وشكِ أن يبيعوا شيئاً عزيزاً فاحترس.

ضياء الدين بلال

Exit mobile version