“البشير” ليس “القذافي” ، ولا “زين العابدين بن علي” ، ولا هو “علي عبد الله صالح”، فهؤلاء جنرالات حكموا شعوبهم بقوة الحديد والنار

النظام لا يسقط هكذا ..
(تسقط بس) .. ليس شعاراً مناسباً لقيادة عمل سياسي عظيم ، يقود لتغيير سلمي يؤسس لدولة عدالة وقانون وديمقراطية رشيدة .
ثم ماذا بعد (السقوط بس) ؟!

ما هي الخطة وما هو البرنامج ، ومن هم رجاله الذين سيحملونه بين جنباتهم هماً ومشروعاً وطنياً يحفظ لبلادنا أمنها واستقرارها ، ويحقق لها تنميةً وخدماتٍ ورخاءً، ربما عجزت عن تحقيقه الحكومة الحالية وسابقتها ؟

الدعوات المتلاحقة للتظاهر اليومي والأسبوعي من الخرطوم إلى أم درمان وبحري ، لن تُسقِط النظام ، فلابد من توفر شروط محددة لإسقاط نظام قوي وراسخ ومدعوم سياسياً من حزب كبير وحقيقي مثل حزب المؤتمر الوطني الذي لم ينشأ بمال السلطة وموظفيها ، بل هو حزب جذوره ضاربة في تأريخ العمل السياسي لجماعة (الإخوان المسلمين) في السودان منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي .

هو حزب شارك بفاعلية في كل العهود الديمقراطية التي مرت على البلاد منذ الخمسينيات وحتى الثمانينيات، حيث كان الحزب (الثالث) في سباق انتخابات التعددية الثالثة ، حتى استلم السلطة بالتحالف مع العسكريين في يونيو 1989 .

هو حزب ظل يحوز بالديمقراطية على معظم اتحادات الطلاب في جامعة الخرطوم منذ الخمسينيات ، وكذا الحال في بقية الجامعات والمدارس الثانوية قبل وصوله للحكم .

“البشير” ليس “القذافي” ، ولا “زين العابدين بن علي” ، ولا هو “علي عبد الله صالح” ، فهؤلاء جنرالات حكموا شعوبهم بقوة الحديد والنار ، وأسسوا أحزاباً ديكورية كرتونية بعد تسلمهم السلطة ، لكن “البشير” جاء به كيان سياسي كبير ومؤثر هو (الجبهة الإسلامية القومية) التي تزعمها أكبر وأهم عقل سياسي مر على العالم الإسلامي خلال العقود الثلاثة الماضية .. الشيخ الراحل الدكتور “حسن الترابي” ،عليه رحمة الله ورضوانه .

صحيح أن هناك مئات من كوادر المؤتمر الشعبي حزب (الشيخ)، شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة ، ولكن مئات الآلاف من الكوادر القوية التي تتوزع على مفاصل دولة (الإنقاذ) وحزب المؤتمر الوطني هم تلاميذ (الشيخ) نفسه ، بل يمثلون أقرب نوابه ومساعديه وخلاصة مشروعه الفكري والسياسي .

التظاهرات وحدها لا تُسقِط النظام ، ما دامت مراكز قوته متحدة ومترابطة ، وقد أكدت عواصف الأسابيع الماضية أن الأزمات والتهديدات الداخلية والخارجية تفعل فعل السحر في توحيد قيادات وقواعد المؤتمر الوطني ، فقد تدافعوا إلى الساحة الخضراء من كل فج عميق ، منذ الساعات الأولى من صباح (الأربعاء) المنصرم .

هم اليوم موحدون أكثر من أي وقت آخر ، طيلة الخمس سنوات الماضية ، فكيف يمكنك إسقاطهم بعد أن استعادوا لحمتهم واستنفروا قوتهم السياسية والنفسية .

رسالة الاحتجاجات وصلت ، وعلى المؤتمر الوطني أن يتعامل معها بجدية وإيجابية وتجرد ونكران ذات ، ليبقى الوطن واحداً مستقراً .

سبت أخضر.
الهندي عزالدين
المجهر

Exit mobile version