كيف نغرق البنوك بالسيولة؟!

واحدة من المشاكل التي أدت إلى الاحتجاجات المستمرة إلى الآن مشكلة السيولة وقلتها في البنوك أو الصرافات، قال رئيس الجمهورية في أحد لقاءاته الجماهيرية الأيام الماضية، إن الحكومة سوف تغرق البنوك بالسيولة، هذا كلام جميل وطيب وقد يقلل نسبة المشاركين في الاحتجاجات أو التظاهرات التي كانت السيولة واحدة من أسبابها، ولكن لم نعرف من أين ستأتي الحكومة بالسيولة و(القطط السمان) هم سبب تلك الأزمة التي يعيشها المواطن ويعجز عن الحصول على أمواله من البنوك، هل السيد رئيس الجمهورية سيوجه اعضاء المؤتمر الوطني والحكومة بتغذية البنوك بالأموال التي يحتفظون بها أم أن هناك أموالاً ستأتي من الخارج؟، قبل أن تستفحل أزمة السيولة، قال الدكتور “محمد خير الزبير” محافظ بنك السودان، إن الدولة ستعمل على طباعة كميات كبيرة من النقود بالخارج، بالإضافة إلى طباعتها بالداخل، وهذه الكميات سوف تؤدي إلى حل المشكلة، ولكن ورغم أن السيد المحافظ أوفى بوعده وطبع كميات كبيرة من العُملة بالخارج وكلفت الدولة ما كلفت.. ولكن في غمضة عين انتهت الأموال الطائلة، وعادت المشكلة إلى ما كانت عليه، لذا فإن مشكلة السيولة وإغراق البنوك بها لن تتم إلا إذا عادت الثقة بين المواطن وتلك البنوك التي تحتفظ بأمواله، لأن المواطنين الآن يحتفظون بأموالهم في الخزن بالبيوت أو في محالهم التجارية، فالوعد الذي قطعه السيد رئيس الجمهورية بإغراق البنوك بالسيولة لن ينفذ بين ليلة وضحاها، ونحن نعلم تماما أن المواطن لا يثق في حديث الحكومة والتجارب دلت على ذلك من خلال الأزمات الحالية أو السابقة، فالحكومة لابد أن تفي بوعدها مع المواطنين أن كان ذلك في إغراق البنوك بالسيولة أو توفير الخبز أو الوقود، وإلا ستكون أحاديث للاستهلاك، فقبل أيام قال الأستاذ “معتز موسى”، رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، بأن الحكومة ومن خلال الأصدقاء استطاعت أن توفر عُملات تساهم في خفض أسعار الدولار، وقال من كان له دولار عليه أن يتخلص منه لأن الدولار الآن وصل إلى اثنين وخمسين جنيها بعد أن بلغ الثمانين، واستبشرنا خيرا بحديث السيد وزير المالية، وكنا في انتظار أن يصل الدولار في اليوم الثاني الذي حدده وهو يوم الإثنين المضى، ولكن لم يهبط السعر وظل في حالة تأرجح أو في حالة صعود وهبوط بين الرسمي والموازي، وهذا الحديث الذي قاله السيد وزير المالية في ظني كان مستعجلا وكان ينبغي أن ينتظر حتى تتوفر له العُملة الصعبة أو إيفاء الأصدقاء بما وعدوا به قبل أن يفك الحديث، وهو لا يعلم أن كانت تلك الجهات صادقة في كلامها أو مراوغة.. ومثل هذه الأحاديث تخصم من المسؤول ويظل في نظر المواطن غير دقيق في معلوماته أو في إفادته فكان على السيد وزير المالية، الانتظار يوما أو يومين ومن ثم إما أن يعقد مؤتمرا صحفيا بذلك أو يقدم إفادات إلى الصحف عبر أخبار يتم نقلها منه شخصيا أو عبر مكتبه أو عبر إدارة الإعلام، لذا انعدمت الثقة بين المواطنين والحكومة، ما لم تكن الأخبار التي تصدر منها صادقة كما فعلت وزارة الكهرباء والري في فترات سابقة عند تحديد موعد بانقطاع التيار الكهربائي وإعادته، فكان الزمن الذي تحدده بعودة التيار يكون في نفس الزمن لا يزيد أو تنقص، إن إغراق البنوك أو الصرافات بالعُملة التي تتحدث عنها الحكومة وحددت لها مارس القادم فإن لم تف بوعدها تكون آخر الوعود الكاذبة، وليست الصادق بينها والمواطنين.

صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version