الجيش السوداني يدعو إلى إجراءات {تحفظ التوازن السياسي»

شهدت العاصمة السودانية، الخرطوم، ورديفتها على الضفة الغربية للنيل، أم درمان، مزيداً من التحركات الاحتجاجية التي فرقتها قوات الأمن، فيما أشار الجيش السوداني إلى أن الاحتجاجات والمظاهرات المستمرة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي كشفت فصاماً واضحاً بين الأجيال الشابة والكبار، ما يستدعي إعادة صياغة الكيانات السياسية والحزبية والحركات المسلحة بما يحفظ «توازن المشهد السياسي».

وقال شهود إن مئات تظاهروا، أمس، في بعض شوارع الخرطوم وأم درمان، وسارعت قوات الأمن إلى تفريقهم مستخدمة الغاز المسيل للدموع. وعلى الرغم من ذلك، واصل بعض المحتجين ترديد هتافات معادية لنظام الحكم في البلاد.

وجاءت الاحتجاجات الجديدة، أمس، استجابة لدعوة «تجمع المهنيين السودانيين» وجماعات أخرى ضمن جدول احتجاجات يُعلن أسبوعياً. وحسب هذا الجدول، ينتظر أن تشهد مدن وقرى وبلدات خارج العاصمة مظاهرات واحتجاجات تحت مسمى «يوم الريف السوداني».

في غضون ذلك، أعلن الجيش السوداني مجدداً حرصه على أمن الوطن وسلامة المواطنين وأرواحهم، قاطعاً بأنه سيظل صمام أمان يحول دول انزلاق الوطن أمام مصير مجهول.

وأكدت القوات المسلحة، حسب نشرة صادرة عن الإعلام العسكري، أمس، التفافها حول قيادتها، وذلك عقب لقاء تنويري لضباطها برتبتي مقدم ورائد في «أكاديمية نميري العسكرية» بأم درمان. وتحدث وزير الدفاع، عوض بن عوف، عما سماه «تضحيات القوات المسلحة»، قائلاً إنها ظلت «على مدى التاريخ الصخرة التي تتكسر عليها كل سهام الاستهداف». وقطع بأن تظل قواته «صمام أمان الوطن من الانزلاق للمصير المجهول أو التشظي أو الاختطاف».

وأوضح وزير الدفاع أن «الأحداث الأخيرة» أظهرت «الانفصام والفروق الواضحة بين الأجيال الشابة والكبار حتى داخل الأسر»، واعتبره أمراً يستوجب «التواصل بين الأجيال، ووضع المعالجات العادلة لمشكلات الشباب والوصول بهم للطموح المعقول».

وقال بن عوف إن الأحداث الأخيرة (ويقصد بها الاحتجاجات والمظاهرات) كشفت ضرورة إعادة صياغة وتشكيل الكيانات السياسية والحزبية والحركات المسلحة، لإعادة التوازن للمشهد السياسي وضمان الاستقرار وحماية المكتسبات والأعراض وحقن الدماء.

وفي أول تصريح من نوعه، قال رئيس هيئة الأركان اللواء ركن كمال عبد المعروف، إن قواته تتمسك بواجباتها إلى جانب إيمانها بـ«التداول السلمي للسلطة وحماية الدستور».

ودخلت الاحتجاجات في السودان أسبوعها السابع الآن. وبعدما كانت قد بدأت تلقائية تذمراً من تردي الأوضاع الاقتصادية، تحولت إلى مناهضة الحكومة والمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته.

وحسب معلومات رسمية، قُتل 30 شخصاً أثناء المظاهرات، فيما تقول المعارضة إن عدد القتلى بلغ أكثر من 50 قتيلاً. وألقت السلطات القبض على أكثر من 800 شخص، فيما تقول المعارضة ومنظمات حقوقية إن العدد أكبر من ذلك بكثير.

في سياق ذي صلة، أعلن جهاز الأمن السوداني عن تشكيل لجنة تحقيق بمستوى عال برئاسة فريق للتحقيق في مقتل المعلم أحمد الخير بمدينة خشم القربة أثناء اعتقاله. وقال جهاز الأمن، حسب صفحته على «فيسبوك»، أمس، إن «لجنة التحقيق باشرت مهامها» اعتباراً من أمس، قاطعاً بأنه يؤدي عمله ومهامه بمهنية واحترافية وبالتزام القانون الذي يحكم تصرفات الضباط والأفراد، وذلك رداً على ما تناقلته وسائل إعلام ومنصات تواصل اجتماعي وبيانات صادرة عن قوى معارضة بأن المعلم توفي نتيجة التعذيب الذي تعرض له أثناء التحقيق معه في معتقلات جهاز الأمن.

وعلى الرغم من أن بيان جهاز الأمن أكد على الرواية الرسمية التي تقول إن المعلم توفي نتيجة تسمم غذائي، أبدى السفير البريطاني في الخرطوم، عرفان صديق، قلقه من «التقارير الأخيرة عن الوفيات في المعتقل». ودعا السفير البريطاني، في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، إلى إجراء تحقيق حول هذه الوفيات و«محاسبة المتورطين» فيها.

صحيفة الشرق الأوسط.

Exit mobile version