الهندي عزالدين: نادي النيابات … أحرسوا العدالة يا مستشارين

1أزعجني جداً بيان صادر عن كيان جديد يحمل اسم (نادي نيابات السودان) ، يروي تفاصيل اعتراض قوة عسكرية تحرس منزل المدير السابق لجهاز الأمن و المخابرات الفريق أول ” صلاح قوش” ، اعتراض مهمة وكيل النيابة الأعلى مع قوة من الشرطة بقيادة (عميد) ، حاولت تنفيذ أمر قبض صادر ضد (الفريق) .

البيان الساخن أدان بشدة سلوك قوة حماية مدير المخابرات السابق التي هددت بإطلاق النار على المجموعة التي جاءت للقبض على ” قوش” تنفيذاً للقانون كما ورد في البيان .

طالب نادي النيابات في بيانه باقالة مدير جهاز الأمن الحالي الفريق ” دمبلاب ” ، بسبب تصرف قوة حماية “قوش” !! لكن البيان لم يوضح ما إذا كان الإجراء الصحيح هو التوجه مباشرةً إلى منزل الفريق أمن ، دون مخاطبة الجهة النظامية التابع لها ، والاستعلام من المجلس العسكري الانتقالي حول ما إذا كان “قوش” ما يزال في الخدمة العسكرية أم تقاعد ؟
ليس هذا ما أزعجني ، مع أنه مزعج ، و لكن التوقيع أسفل البيان : ( اعتصام القيادة العامة .. لم تسقط بعد) !!
هل تحول رجال القانون حُراس بوابات العدالة في بلادنا إلى (ثوار) معتصمين في القيادة العامة ؟!
قبل هذا البيان الغريب ، سيِّرت مجموعة من القضاة و المستشارين مواكب إلى ميدان الاعتصام .
هذا و غيره .. مواقف سياسية ، يحظرها القانون على كل قاض و مستشار بوزارة العدل و ديوان النائب العام .
فلا ينبغي أن يتصرف رجال العدالة ، كما يتصرف صحفيون صغار (متشنجون) ، بعدد محدود ، في كيان مسيس و غير متفق عليه في القاعدة الصحفية اسمه (شبكة الصحفيين) ، فيهددون بانتزاع الصحف الخاصة من مُلاكها .. نحن الذين أقمناها من عرق أقلامنا الطاهرة .. أربعةً و عشرين عاماً نتجرع مُر الأسى و نسهر في ليل الذكريات !
فيا سادتي المستشارين .. هب أن كادراً (شيوعياً) معروفاً خرج من ميدان الاعتصام فقابله كادر إسلامي (كوز) ، فاشتبكا بالأيدي و ما تيسر من أدوات العنف ، فسال الدم ، و أكد الشهود أن (الشيوعي) هو الجاني ، فهل يقضي وكيل النيابة الذي احتكم عنده المتشاجران بتوجيه الاتهام للمجني عليه (الكوز) .. فقط لأنه (كوز) ، و لأن السيد المستشار وقّع على بيان نادي النيابات حديث التكوين الذي يهتف في بياناته : ( لم تسقط بعد .. اعتصام القيادة العامة) ؟! هل هكذا يمكن أن تقول العدالة التي درسها في كلية القانون و تعلمها من أساتذته كبار المستشارين بمن فيهم (الكيزان) ؟

في عهد (الإنقاذ) ، و بكل ما قيل فيه و عنه من ظلم ، إلا أن المحاكم و النيابات تشهد على آلاف القضايا التي حكم فيها قضاة و وكلاء نيابات بكل النزاهة و الشرف و التجرد ، في قضايا خاصة و عامة ، بإدانة متهمين (كيزان) ، فيهم قيادات و أعضاء معروفين بالحزب الحاكم .

رؤساء تحرير صحف من المحسوبين بأنهم (كيزان) صدرت ضدهم عشرات الأحكام بالإدانة ، و الشاكون كانوا مواطنين عاديين أو شركات أو مؤسسات خاصة أو عامة .

محامون كبار مثل الأستاذ ” نبيل أديب ” كسبوا قضايا لا تُعد و لا تُحصى ضد حكومة السودان ، بل ضد جهاز الأمن و المخابرات ، بينها قضية صحيفة (التيار) التي حكمت لها المحكمة الدستورية ببطلان قرار الجهاز ، و أمرت لها بمعاودة الصدور ، و التزم جهاز الأمن بالقرار .
كل هذا الجمال الذي صنعه مستشارون عدول بوزارة العدل ، و قضاة أقمار في الجهاز القضائي ، يريد أن ينسفه البعض اليوم ، بدلاً عن اضافة المزيد من الجمال على تلك اللوحة الرائعة ، وذلك باتخاذ مواقف سياسية و حزبية صارخة ، في وقت تنقسم فيه بلادنا اليوم إلى حزبين كبيرين ، حزب يبحث بحق عن الحرية و العدالة ، و حزب يسعى للتصفيات و الإقصاء و المحاكمات السياسية تحت لافتة (الثورة) !!

أرجو صادقاً .. أن يحتفظ كل قاض و كل مستشار و وكيل نيابة و كل ضابط شرطة ، بانتمائه و ميله السياسي لنفسه ، لا يُحدِّث به أصدقاءه و أهل بيته ، يلتزم بالقانون و يراعي الله في أحكامه ، فإن حساب رجال العدالة يوم القيامة مختلف جدا ، فقاضيان في النار و قاض في الجنة .
و مفردة قاض هنا تشمل وظائف العدالة كلها من قضاء إلى نيابة و شرطة .

2

وصل الصحفي الثائر العجوز ” خضر عطا المنان ” إلى السودان بعد طوال اغتراب اختياري ، فلا نعلم عنه حكماً بالإعدام أو السجن المؤبد ، و لا سمعنا أن جهاز الأمن يطلبه للاعتقال ، كما كان يطلب الإمام ” الصادق المهدي ” كريماته .
فور وصوله مطار الخرطوم ، خاطب الرجل المرهق بالغبينة ، عشرة أشخاص من أسرته و معارفه ، قائلاً في ما رأيته بمقطع فيديو 🙁 نحنا كاعلاميين .. ما عايزين بعد اليوم .. الصادق الرزيقي و الهندي عزالدين الذين ما زالوا قابعين في الصحف .. الكرور دا كلو لازم يمشي .. ) !!
و هل من (كرور) غيرك يا خضر ؟
إلى متى تظل محبوساً في أحقادك و مرارتك الشخصية .
شفاك الله .. و عافاك .

3

أود أن أعتذر للأخ الأستاذ ” علي حمدان ” عن ما أصابه من رشاش محسوب على صحيفته (المستقلة) ، في ما ورد ضدنا من إساءات في مقال لأحد كُتابها . غير أنني علمتُ أن الهراء موضوع ردنا ، لم يُنشر في النسخة الورقية للصحيفة و تم منعه من النشر ، فوجد طريقه إلى مزابل الأسافير .
أملك الشجاعة لتقديم هذا الاعتذار المستحق .

الهندي عزالدين

Exit mobile version