لماذا يتعامل وزير الشؤون الدينية بهذه الجلافة؟

بإيماءة يد تعبر عنها لغة الجسد (سيبك منهم) تجاوز وزير الشؤون الدينية عددًا مقدرًا من ضيوفه من كبار الصحفيين الذين جاءوا ملبين لدعوة كريمة من إدارة الحج والعمرة لحضور فعاليات ورشة عقدتها بفندق (قراند هوليداي فيلا )؛ فالوزير الذي حضر متأخرًا أكثر من ساعة عن مواعيد الورشة التفاكرية في تصرف يحكي في حد ذاته عن مدى عدم احترامه لعامل الزمن؛ إذ أنه رفض مجرد أن يتلقى و يحيي ضيوف فعالية هي تحت رعايته بالرغم من تنبيه مرافقيه ضاربًا بعرض الحائط قيمة جوهرية من صميم قيمنا العقدية و السودانية التي حثت على إكرام الضيف وحضت على الاحتفاء به و ربطت بين الكرم والشجاعة من جهة كونهما خلتين متلازمتين لا تنفصل إحداهما عن الأخرى بل ترتبطان ارتباطًا وثيقًا إلى الحد الذي جعل العرب إذا أرادت وصف أحدهم بالكرم أن تقرن الشجاعة إلى كرمه، وكذا المقابل حين تصفه بالشجاعة فإنما تعني أنه كذلك شجاع وكريم في آن واحد.
لتأتي ردة فعلهم قوية حفاظًا على مكانة الصحافة من أن تدنس أو تنتهك أو تداس كرامتها؛ نعم فقد أبى الحضور الكريم من الصحفيين إلا مغادرة المنشط في رسالة واضحة لذلك التصرف الأرعن الجلف من وزير ربما أثرت فيه و مازالت تؤثر خلفيته السابقة كونه أحد أعضاء الفرق الشعبية التي تتخذ من الفنون أداة للتعبير عن فنها بما فيه من صخب و نزوع واضح إلى حب الظهور ولفت الانتباه بتلك الألوان الكثيفة و الاستعراض وقوة الأصوات الصادرة من الحجال التي يلبسونها؛إذ يبدو أنه قد أدمن إتيان بعض التصرفات و التصريحات النشاز مثل دعوته لليهود بالأوبة للسودان و وصفه لأئمة المساجد بأن خطبهم محصورة في النكاح و النفاس والحيض بطريقة فيها تبخيس واستهزاء وازدراء لما ظلوا يبذلونه من جهد و إسهام له أثره الواضح في نشر الثقافة الإسلامية والوعي حباً في الظهور على الأقل من باب (خالف تذكر) و هو في تقديري السبب الذي جعله يخطو هذه الخطوة البائسة
لتبلغ القطيعة بينه و بين الرأي العام مدًى عظيمًا أصبح وجوده خصمًا على مجلس الوزراء ليحكي تصرفه بالأمس فصلًا جديدًا من فصول التنفير خاصة و أن مواجهته قد كانت هذه المرة مع من يصنع الحدث ويشكل الرأي العام وهي الصحافة و الصحفيين، و للأسف البالغ أن تتم الإساءة لقياداتنا الصحفية في مرحلة شعارها الأصيل حرية سلام وعدالة فهل هناك حرية أعظم من حرية التعبير والتي أساسها احترام مؤسسة الصحافة لأن هذه المؤسسة تعد مدخلًا رئيسًا و بوابة واسعة لحرية الفكر و الرأي؛ لكن المؤسف في الأمر أن يتم ذلك بعد أقل من عشرة أيام كانت قد شهدت طرد الصحفيين ومنعهم من استقبال السيد رئيس مجلس الوزراء حين عودته من رحلته للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
مثل هذه التصرفات تسيء إلى حكومة حمدوك وتنعتها بنعوت أقلها أنها تضيق ذرعًا بالصحافة، بصراحة هذا الوزير لا يتمتع بلياقة ذهنية أوسمت أو هيئة تليق بجلال هذا المقعد الوزاري لوزارة تدعو للأخلاق و كريم الصفات ففي الأثر ( إنكم لن تَسَعُوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) فهل سمع السيد الوزير أو قرأ ذلك؟!.
أقترح على معالي رئيس مجلس الوزراء استحداث وزارة ترعى شؤون اليهود القادمين للسودان بعد دعوة هذا الوزير لهم و ضم الفرق الشعبية التراثية (الفلكلورية) و تعيينه وزيراً عليها بدلاً عن هذه الوزارة التي لا تناسبه مظهراً و مخبراً، ربما نجح في ذلك ( الله يسامح اللي كان السبب).

د. عمر كابو

المستقلة

Exit mobile version