الهيكلة والدمج !

• مما رشح من كواليس مفاوضات جوبا ، مطالبة بعض الحركات المسلحة بهيكلة الجيش ! الهيكلة مفهومة لغةً ومعروفة مصطلحاً لكن ما الذي يطلبونه على وجه الدقة ؟ هل المطلوب إعادة النظر في هيكل القوات المسلحة وبنائها الإداري وتقسيماتها وتخصصاتها ؟ أم المقصود مراجعة القوة والرتب وزيادتها أو تخفيضها ؟ أم أن الهدف هو عقيدة الجيش ومهامه ؟ ما الذي يقصده دعاة الهيكلة بالضبط ؟ الجيش مؤسسة عريقة لديها مرجعياتها وقانونها وأدبياتها لذلك عندما نتحدث عن أمر يخصها فليكن حديثنا منطقياً ومقنعاً .
• أمر آخر يتحدث عنه كثيرون وهو إدماج قوات الدعم السريع بكاملها في الجيش ، وهو أمر يحتاج لنقاش هادئ بعيداً عن الإنفعالات السياسية والعواطف “النضالية” ومشاعر الحب والكراهية العارضة ، لنضع في حسباننا واقع “قدس” من حيث العدد والعتاد ثم لنسأل بشفافية : من الذي يرغب في إدماجها ومن الذي يعترض على إدماجها ولماذا ؟ بمعنى أوضح : هل ترغب قوات الدعم السريع نفسها في أن تُدمج بالكامل في الجيش أو تبقى منفصلة عنه ولماذا ؟ هل يرغب الجيش في إدماجها فيه أم يعترض على ذلك ولماذا ؟
• الحركات المسلحة ، الحلو وعقار وعرمان ، وغيرها من الحركات الموجودة على الأرض وغيرها مما يعيش في الأضابير وينشط في الأسافير ، ما موقفها من الدمج ورؤيتها له ؟ هل ترغب حقا في إدماج قوات الدعم السريع بالقوات المسلحة أم أنها بعقلها الباطني و”ذكريات الدرش والكوماج” تقف ضد هذا الإجراء ؟ قحت وغيرها من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تتحدث عن المدنية والتشوهات الهيكلية في جسم وسمت الدولة ، هل تدعو حقاً حقاً للدمج الكامل لقوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودلنية ؟
• الذي يريد الإجابة على هذه الأسئلة بمنطق وموضوعية وبلغة تساعد في التقدم الى الأمام ، عليه أن يأخذ في إعتباره أن قوات الدعم السريع ليست بنبت شيطاني وإنما قوة نظامية أُنشأت بقانون ، ولدواعٍ وأسباب رأتها وقدرتها قيادة الدولة آنذاك ، هي قوات كبيرة ومدربة ومدرعة أدّت أدواراً عظيمة وإيجابية ومؤثرة في تأمين البلاد وحراسة حدودها وحماية مصالحها ، وأثناء وبعد حدوث التغيير وذهاب النظام السابق كان لها سهمها ، فهل يستقيم أن يتحدث البعض عن الدمج بفهم إستيعاب نسبة منها بمعايير محددة وتسريح الباقي ؟!
• على أية حال هي قضية مطروحة ، والرأي فيها وحولها متباين ، ولا تسريب على أي شخص إبداء رأيه والدفاع عنه لكن مثل هذه الملفات الأفضل والأسلم أن يجلس لها المختصون من القيادات العسكرية بالخدمة والتقاعد بمعية لفيف من خبراء الإستراتيجيات والقيادات السياسية بحيث يجري النقاش بموضوعية وهدوء وتقدير حكيم للمصالح بعيداً عن الهياج والتناكف السياسي والذي كثيراً ما يضيع الفرص ويعطل المصالح ويُغبِّش زاوية رؤيتنا للأشياء ، وليكن هدفنا الوطن وأمنه وإستقراره بعيداً عن القنابل الموقوتة .

محمد حامد تبيدي
عسل مختوم (الصيحة)
الثلاثاء ٢١ يناير

Exit mobile version