والدة شهيد ثورة ديسمبر د. بابكر عبد الحميد تروي تفاصيل الأيام الأخيرة في حياته

لا تمر الذكرى الأولى لاستشهاد الطبيب د. بابكر عبدالحميد، شهيد ثورة ديسمبر فقط باسترجاع السيناريو الانساني لقصة إستشهاده. الطبيب الذي قدم حياته قرباناً في سبيل انقاذ حياة الثوار، ولكنها أيضا قصة الشاب الذي أرق مقتله أو اغتياله عمداً من قبل منسوبي السلطة البائدة مما دفع مدير جهاز الأمن السابق الفريق صلاح قوش لنسج قصة مفبركة حول واقعة اغتياله وقصص أخرى نسجوها من بينها أن والد الشهيد ينتمي إلى الحركة الاسلامية التي كان ذراعها السياسي المؤتمر الوطني يعتلي سدة السلطة، وظهر قيادي بالوطني على إحدى القنوات وإدعى أن الشهيد يقطن بالقرب من منزله، وكأنما كان كل ذلك يبرر جريمة القتل، البشعة التي تمت لملاك الرحمة الطبيب بابكر. ويوم الجمعة الماضي، كانت الذكرى الأولى لاستشهاد الطبيب الشاب، الذى كان يعمل بمستشفى أحمد قاسم ببحري، حيث استشهد فى موكب بري يوم السابع عشر من يناير فى العام الماضي. وفي الذكرى الاولى، حاولت (الانتباهة أون لاين ) إحياء نبض الثورة وجلسنا مع والدة الشهيد

السيدة شريفة عوض، والتي لم تتوقف كثيراً عند الشائعات التي رواها آنذاك قوش، ولم تعرها أية اهتمام ووصفتها فى حديثها لنا بالمضحكة والغريبة، وراحت تروي عن حياة الشهيد ولحظاته الأخيرة.

تقول شريفة: (كان مشغولاً جداً في أيامه الأخيرة بالتحضير لعملية قلب مفتوح كانت مقررة لعمه، وكان غارقاً معه في متابعة حالته الصحية والفحوصات اللازمة لاجراء العملية، فصرف النظر عن الجلوس لامتحان مهم جداً، حتى يتفرغ لمتابعة حالة عمه التي تستلزم الدقة والمتابعة لجهة أن الأخير كان يعاني أيضاً من مرض السكري. وأضافت والدة الشهيد، رغم ذلك شارك بابكر في عدد كبير من المواكب التي سبقت موكب استشهاده في بري، فكان حضوره فى جميع المواكب ببحري والسوق العربي والعباسية، وكان يعمل من داخلها على إسعاف المصابين.

(١)

قبل استشهاده بيومين، كانت حاسة الأم تخبر السيدة شريفة أن ثمة مكروه سيصيب إبنها .. تقول: (كان ذلك يوم الثلاثاء المقرر لتسيير أحد المواكب ، شاهدته يصلي بعد بزوغ شمس الصباح، استغربت، واعتقدت أنه لم يدرك صلاة الفجر، فى وقتها بسبب استذكاره عادةً حتى وقت متأخر من الليل، سألته: (ما صليت الصبح وللا شنو؟). فرد علي بما جعل ( قلبي ينقبض)، حينما قال لي أحببت أن أتوضأ لأصلي ركعتين لأن الموت أمامنا، وتابع: (يا أمي عليك الله أعفي لي). رددت عليه بأنني عافية منه كأم، لكنني طلبت منه في ذات الوقت أن لا يخرج للموكب. شعرت في تلك اللحظات أنه في طريقه للموت لأن نظراته كانت غريبة).

(٢)

تمضي السيدة والدة الشهيد فى روايتها قائلة: (لم استطع مواصلة يومي بالبقاء في المنزل، لأنني كنت أشعر بضيق وقلق، كبيرين بعد ذهاب إبني للموكب، ولذلك قررت التوجه إلى منزلنا الكبير بالامتداد، وبعد أن أوصيت بناتي أن لا يخبرنه بذهابي بعد عودته من الموكب مباشرة، حتى يرتاح أولاً ويقضي مشاويره الراتبة ثم يأتي إلى هناك ليأخذني للمنزل في كافوري. وبعد أن وصلت إلى هناك أبلغت خالته، التي سألتني عن سبب الزيارة المفاجئة لهم، بإحساسي أن بابكر لن يعود وذهب إلى الموكب، فإستنكرت حديثي بشدة وقالت لي: (ما تقولي الكلام دا). بعد يومين استشهد بابكر بموكب برى، ولعلي لم أتفاجأ بسبب الشعور الذي لازمني منذ يوم الثلاثاء).

(٣)

في ذلك اليوم الذي صادف الخميس شاءت إرادة الله أن تدفعني للاطمئنان عليه في وقت مبكر، وسابق لأوان إنتهاء المواكب وعودة المشاركين فيها إلى منازلهم، إتصلت عليه في هاتفه الجوال فعلمت أنه مصاب، وشاءت إرادة الله أن أتوجه إلى المستشفى وأشاهد إبنى قبل أن تغادر روحه إلى بارئها).

(٤)

أثناء حديثها عن منزلهم الكبير توقفت والدة بابكر لبرهة عندما تذكرت والدتها وقالت: (أنا عندي (دمين) عند هؤلاء الجماعة مايعرفون ؛ بـ (كلاب الأمن) – حسب تعبيرها-، دم بابكر ودم والدتي التي توفيت بالحسرة عليه، بعد أن كسرها موته، فأصابتها الحسرة والتأثر الشديد بإلتهاب في البنكرياس وتوفيت، وكانت تردد دائماً: (أنا قاعدة وبابكر يموت؟) لأنها كانت تحبه كثيراً باعتباره أكبر حفيد لها من البنين.

صحيفة الأنتباهة

Exit mobile version