سحب أم تأجيل… ما مصير مشروع القرار المعارض لصفقة القرن في مجلس الأمن؟

قبيل ساعات قليلة من إلقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) كلمته أمام الأمم المتحدة اليوم، صدرت تصريحات دبلوماسية متضاربة تشير بعضها إلى سحب طلب التصويت على مشروع قرار يدين الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، فيما رجح آخرون تأجيل المشروع بغرض التعديل.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية إن الفلسطينيين سحبوا طلب تصويت على مشروع القرار بشأن خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”، الذي كان مقررا طرحه أمام مجلس الأمن الثلاثاء، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن دبلوماسي، اشترط عدم ذكر اسمه، قوله إن الولايات المتحدة مارست “ضغوطا قوية جدا” على بعض الدول في مجلس الأمن، وصلت إلى حد التهديد بعقوبات اقتصادية.

سحب أم تأجيل

قال دبلوماسيون لـ”فرانس برس”

المشروع الذي قدمته إندونيسيا وتونس قد لا يحظى بدعم تسعة من أعضاء المجلس من أصل خمسة عشر، وهو الحد الأدنى المطلوب لتبنيه من دون أن يلجأ أحد الأعضاء الدائمين إلى حق النقض (الفيتو).
وأشارت المصادر إلى أن هذا القرار المفاجىء جاء بعدما قدمت الولايات المتحدة التي تتمتع بحق النقض، سلسلة تعديلات على النص الذي يتم التفاوض بشأنه منذ الأسبوع الفائت وكان مرتقبا التصويت عليه خلال اجتماع لمجلس الأمن يحضره الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وشملت الاقتراحات الأمريكية شطب فقرات كاملة من المشروع، خصوصا تلك التي تشير صراحة إلى قرارات الأمم المتحدة منذ 1967، كما تم شطب كل الإشارات إلى القدس الشرقية المحتلة بحسب فرانس برس.

وقال مصدر في مجلس الأمن الدولي، أمس الاثنين، إنه تقرر تأجيل التصويت الذي كان مقررا اليوم الثلاثاء على مشروع القرار الفلسطيني الذي يتعلق بصفقة القرن الأمريكية.

وأوضح المصدر: “لن يكون هناك تصويت يوم الثلاثاء. تونس وإندونيسيا تنويان مواصلة المشاورات بشأن المشروع”، وأكد مصدران آخران صحة هذه المعلومات.

السلطة تنفي

من جانبه نفى صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ما يروج حول سحب مشروع القرار المقدم من المجموعة العربية وحركة عدم الانحياز لمجلس الأمن ضد الخطة الأمريكية للسلام، وقال إن “ذلك عار من الصحة ولا أساس له”.

وقال عريقات في بيان له: “ما يروج حول سحب مشروع القرار المقدم من المجموعة العربية وحركة عدم الانحياز لمجلس الأمن عار عن الصحة ولا أساس له”.

وأضاف عريقات، الذي يتواجد برفقة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في نيويورك والوفد المرافق له، إن “مشروع القرار موزع ولا زال قيد التداول، وعندما تنتهي المشاورات ونضمن الصيغة التي قدمناها دون انتقاص أو تغيير لثوابتنا سيتم عرضه للتصويت”.

وتابع عريقات:
تداول المشروع

فايز أبوعيطة، أمين سر المجلس الثوري لحركة “فتح” قال إن “هناك مشروع قرار بإدانة صفقة القرن الأمريكية في مرحلة التداول لحد الآن، والقيادة الفلسطينية تبذل جهودًا كبيرة من أجل إقناع دول العالم بإدانة البلطجة الأمريكية، ومحاولة الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة”.

وأضاف في تصريحات لـ”سبوتنيك” أن “هناك محاولات حثيثة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لإفشال الجهود الفلسطينية، وتمارس إدارة ترامب ضغوطًا كبيرة على القيادة الفلسطينية ودول العالم من أجل وقف التداول حول مشروع القرار”.

وتابع: “نحن مؤمنون بأن العدالة ستنجح، وأن الحق سينتصر على الباطل، وأن الإدارة الأمريكية التي تحاول فرض نفسها بالقوة على المجتمع الدولي والالتفاف على كل قرارات الشرعية الدولية، إنما تهدد أمن واستقرار المنطقة”.

واستطرد: “الخطة الأمريكية دعوة للتطرف، وللعنف وللتصعيد، وأمريكا تتحمل مسؤولية ذلك أمام العالم. نأمل أن تنجح الجهود الفلسطينية في كسب تأييد وإدانة دولية لصفقة القرن”.

سحب المشروع

من جانبه قال الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، وأستاذ العلوم السياسية بجامعتي القدس والأقصى، إن “بحسب المعلومات تم سحب مشروع القرار الذي تقدمت به تونس وإندونيسيا بإدانة خطة الإدارة الأمريكية المعروفة باسم صفقة القرن، لتجاوزها كل القرارات الدولية”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن سحب المشروع كان لعدة أسباب منها عدم مشاورة ممثل تونس لوزارته وقياداته حول نص المشروع، وأيضا عدم التمكن من الحصول على التمرير بالخط الأزرق، أي تأييد مشروع القرار بعدد 10 أعضاء من مجلس الأمن.

وتابع:

بالتالي تم تأجيل طرح المشروع من أجل مزيد من المشاورات، وأعتقد أنه لن يتم طرحه مرة أخرى، وبالتالي ما حدث كان سحبًا للمشروع والحديث عن التأجيل كان من باب تجميل الفشل.
وأشار إلى أن مثل هذا النوع من القرارات الدولية المشتكى عليها لو كانت من الدول الدائمة العضوية والتي لها استخدام حق الفيتو سيسقط حقها، لذلك تمرير القرار بالخط الأزرق يعني إدانة الولايات المتحدة الأمريكية ومشروعها وهذا هو الخطير في الأمر وهو السبب الرئيسي في هذه الحالة من اللغط.

كلمة أبو مازن والجمعية العامة

وعن الكلمة المتوقعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن اليوم في الأمم المتحدة قال الرقب: “لن تتعدى الأحاديث التي تعودنا عليها، سيطالب المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية وإن الأمر غاية في الصعوبة”.
واستطرد: “أبو مازن في ظروف صعبة، ولقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أولمرت في واشنطن أمس، هو رسالة للعالم أنه سعى للسلام، ولكن أمريكا لا تريد حل الصراع”.

وعن التحرك الفلسطيني في الفترة المقبلة، قال إن أبو مازن سيسعى للتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن أخفق في مجلس الأمن في المطالبة بالتصويت على مشروع إدانة الخطة الأمريكية، وهذا “أقصى ما سيحصل عليه”.

ووزعت تونس وإندونيسيا على أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مشروع قرار للتنديد بخطة إسرائيل لضم مستوطنات الضفة الغربية، والتي تأتي ضمن خطة الرئيس الأمريكي للسلام في المنطقة.

وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطته لتسوية القضية الفلسطينية-الإسرائيلية المعروفة باسم “صفقة القرن”، وسط حضور كبار المسؤولين في إدارته، بالإضافة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسفراء عمان والإمارات والبحرين.

وتنص “صفقة القرن” على تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بناء على صيغة حل الدولتين، مع بقاء القدس عاصمة “موحدة” لإسرائيل وتخصيص أجزاء في الجانب الشرقي من المدينة للعاصمة الفلسطينية، إضافة إلى سيادة إسرائيل على غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية.

سبوتنيك

Exit mobile version