عندما تصبح (الطبشيرة) غير كافية معلمون يعملون بمهن أخرى لمجابهة الحياة

للمعلم مكانة خاصة في المجتمع، لا تستطيع عين أو أذن أن تخطئها، وذلك لما يقدمه من علم، وأغلب الدول تضع المعلم في أعلى القائمة مع الدستوريين والمسؤولين الكبار، وذلك لدوره العظيم في النهوض بالبلاد، إلا أنه وفي السودان نجد أن المعلم يتذيل تلك القائمة، بل أن رواتبهم لا تتناسب حتى مع مايقدمه، ناهيك عن وضعهم الاجتماعي، فالكل بات يعمل في مهن أخرى حتى يستطيعوا توفير لقمة العيش لأبنائهم، فعندما تجد معلماً (يرمي طعمية) فإنك لن ترفع حاجب الدهشة، بل سترى الأمر عادياً، فالكل في السودان الآن يعمل في مهن أخرى، لكن عند الحديث عن المعلم كان لابد أن يكون الوضع مختلفاً، ولكن هيهات.. ومن خلال السطور القادمة نسرد بعض القصص لبعض النماذج التي تحول فيها المعلم من (مسك الطبشيرة) الى الإمساك بأدوات أخرى.. فمعاً نطالعها:

بداية تقول سعاد إنها أوقفت أحد سائقي (الركشات) من سوق الوحدة بالحاج يوسف، للاتفاق معه- مشوار- وهو العودة الى منزلها، وعندما سألته ووصفت له المكان، صاحب الركشة بأدرها بعبارة بـ(النية)، ولكنها أصرت على أن يقول لها سعراً محدداً، ولكنه أصر على موقفه، وبالفعل انطلق صاحب الركشة الى وجهته التي حددتها له، وعندما وصلت طالبته بالانتظار، ودخلت هي المنزل وبحثت له قيمة المشوار مع ابنها، إلا أنه عندما خرج تفاجأ بأن سائق الركشة هو أستاذه بالمدرسة، فخجل الطالب، والأستاذ مازحه حتى لا يتحرج وأخذ (حقه) وتحرك.

وحكاية أخرى تسردها إيمان زوجة أحد المعلمين، وقالت إن زوجها يعمل (طعمية) في المساء بجوار أحد المخابز، وذلك حتى يساعد في دفع عجلة الحياة الى الأمام، ورغم أن زوجها يعمل في مدرسة خاصة وحكومية، إلا أن الأمر بات لا يكفي، ولابد من دخل مسائي.. وأضافت أن زوجها بدأ بهذه الفكرة حتى يوسعها فيما بعد، ليصبح مطعماً ويقدم عدداً من الأصناف.

الأستاذ مزمل يعمل في أحد الأفران قال: للصحيفة (أولاً خلوني أقول ليكم إنه في أساتذة غنوا بالدروس الخصوصية)، لكن الحكاية مبدأ، فهناك معلمون رفضوا فكرة الدروس الخصوصية لأنها تعتبر عبئاً إضافياً على الأسر، خاصة وأن أغلب الأسر باتت تعاني من الوضع الاقتصادي المرهق، لذلك فأنا كمعلم اختار أن أعمل في أية مهنة أخرى هامشية، ولكن لا أعمل دروساً خصوصية، وأمثالي كُثر ولا أقول إن المبادئ غابت عند المعلم..

صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version