موجة الهجوم على رجال الأعمال

تتداول منصات التواصل الاجتماعي هذا الأيام ما يمكن أن نسميه موجة عارمة من الهجوم على بعض رجال الأعمال بالإسم، وعلى عدد من المصانع والمنتجات، بإدعاء أنها ترفع الأسعار، وتمتص دماء الأطفال والفقراء. لست بصدد الدفاع عن شخص أو أشخاص بعينهم فهم أقدر على ذلك، ولكني أريد أن أبين خلل هذا التوجه ومضاره الاقتصادية والاجتماعية.
نعترف أن عندنا في السودان مشاكل متعلقة بالفقر وبالغلاء الفاحش. لكن مثل هذه المشاكل لا يعالجها رجل أعمال ولو كان ثرياً جداً. هذه مشاكل متعلقة بالدولة ونظامها الاقتصادي.
أهم محاور التقليل من حدة الفقر هو تشغيل الناس لخفض نسبة البطالة، وهذه المصانع التي تتم مهاجمتها عبر الأسافير تشغّل المئآت الذين يعولون أسراً كثيرة ويقونها شر الفقر والمسغبة. لهذا فإن من أهم أنشطة الحكومة تشجيع الاستثمار والمستثمرين، لينشئوا المصانع ويحيوا الأراضي البور بالزراعة.
المسألة الثانية المهمة ان المنتجات الراقية والفاخرة التي تنتجها بعض المصانع والشركات مصممة لفئة معينة من الناس ممن يقدرون على شرائها، وعلينا تشجيع قيام أنشطة ومنشئات تنتج على سبيل المثال لبن أوزبادي أو دقيق أرخص. لهذا السبب أيضاً تشجع الحكومات قيام وزارات أو إدارات للصناعات الصغيرة تنتج منتجات مشابهة أقل سعراً.
أما التساؤل حول أسباب زيادة المصانع أسعارها وبهذه الوتيرة المتسارعة، فالرد بسيط: الكثير من مدخلات الإنتاج الصناعي مستوردة وتتأثر بشدة بزيادة أسعار العملة الأجنبية وعليه فإن هذه المصانع تزيد أسعارها بنفس سرعة زيادة الدولار، بدأنا العام ٢٠٢٠ والدولار ما بين ٨٠ ج إلى ٩٠ جنيه. نحن الآن في الشهر الرابع من العام وتجاوز الدولار ١٣٠ جنيه. وعلى أية حال بوزارة الصناعة الاتحادية والوزارات المسئولة عن الصناعة بالولايات أقسام مختصة بالتكاليف الصناعية، يمكنها أن تتدخل إذا ما غالى أي مصنع في أسعاره. فضلاً عن وجود قوانين لتنظيم التجارة وحماية المستهلك تطبق إذا ما مارست أي جهة الاحتكار أو المنافسة غير الشريفة.
في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان، وفي ظل جائحة كرونا العالمية، من الأفضل تشجيع المصانع على العمل، ودعمها، كي لا تتوقف ويتضرر من يعمل بها ويضاف لزمرة الفقراء.
منطقي ان نطلب من الأثرياء ورجال الأعمال التبرع لعمل الخير. لكن من غير المنطقي رمي كل ثري بأنه ماص لدماء الشعب ،لأن هذا من شأنه إثارة النعرات الطبقية، وقد يؤدي لهياج البسطاء فيقومون بتدمير المصانع والمزارع ومعدات الإنتاج، كما حدث قبل فترة بسيطة بإحدى ولايات الوسط، ففقد العشرات وظائفهم وانضموا لفئة الفقراء.
الوعي مطلوب في هذه المسائل خصوصاً من الفئة المتعلمة. والله الموفق.

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com

Exit mobile version